ترى تقارير صحفية دولية أن فرنسا مقبلة على مرحلة من "فوضى"، "لا أمل"، بعد"المقامرة السياسية المحفوفة بالمخاطر"، بإعلان رئيس الوزراء، فرانسوا بايرو، سعيه للحصول على تصويت الثقة من الجمعية الوطنية في 8 سبتمبر/أيلول، تمهيداً لمناقشة الموازنة العامة.
ووفق تقارير، فإن هذه الخطوة، التي جاءت في ظل أزمة سياسية ومالية متصاعدة، تثير جدلاً واسعاً وتوقعات بنهاية وشيكة لحكومته، التي تواجه تحديات غير مسبوقة، مع إشارات سلبية أرسلتها أسواق المال في باريس.
وخلال مؤتمر صحفي وصفته صحيفة "لوسوار" البلجيكية بـ"المهيب والمتوتر"، تحدث بايرو بنبرة قلقة، محذّراً من "خطورة اللحظة" التي تمر بها فرنسا. وأمام وزرائه، أكد على ضرورة مواجهة التحديات المالية التي تواجهها البلاد، بما في ذلك خطة لخفض الميزانية بقيمة 44 مليار يورو.
لكن هذه الخطة قوبلت برفض شعبي وسياسي واسع، حيث أعلنت أحزاب المعارضة الرئيسة، بما في ذلك التجمع الوطني، فرنسا الأبية، الخضر، الشيوعيون، والحزب الاشتراكي، عزمها التصويت ضد بايرو في جلسة الثقة المرتقبة.
وتصف صحيفة "إل باييس" الإسبانية هذه الخطوة بأنها "مقامرة سياسية محفوفة بالمخاطر"، مشيرة إلى أن بايرو، عمدة مدينة باو، يسعى لكسب دعم البرلمانيين لتتمكن حكومته من بدء مناقشة مشروع الموازنة.
لكن الصحيفة تشير إلى أن التحالف الوسطي الهش الذي يدعم بايرو يفتقر إلى الأغلبية في الجمعية الوطنية، مما يجعل فرص نجاحه ضئيلة.
وفي السياق نفسه، حذّرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية من أن فشل بايرو في كسب الثقة قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي في فرنسا، وربما يثير الذعر في أسواق الدين، خاصة مع ارتفاع تكاليف الاقتراض الفرنسية إلى مستويات قياسية.
فيما تتوقع صحيفة "نيويورك تايمز" أن يواجه بايرو مصير سلفه ميشيل بارنييه، الذي أطيح به بعد محاولته فرض إجراءات تقشفية مماثلة.
وتشير الصحيفة إلى أن قرار بايرو طلب تصويت الثقة يعكس هشاشة حكومته، التي تعاني منذ الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون الصيف الماضي، والتي أسفرت عن برلمان منقسم وحكومة أقلية.
وفي الوقت نفسه، ترى صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية أن حكومة بايرو "ترتجف"، مشيرة إلى أن قراره بإعطاء الأولوية لتصويت الثقة قبل مناقشة تفاصيل الموازنة هو "مقامرة ذات ثقل كبير".
لم تتأخر أحزاب المعارضة في الإعلان عن موقفها الرافض، فقد كتب النائب الاشتراكي بوريس فالو على منصة "إكس": "نحن بحاجة إلى رئيس وزراء مختلف، وسياسة مختلفة".
من جهته، ذهب زعيم حزب فرنسا الأبية، جان لوك ميلينشون، إلى حد المطالبة باستقالة ماكرون نفسه، معتبراً إياه "المسؤول عن الأزمة". في المقابل، أعرب وزير المالية إريك لومبارد عن أمله في التوصل إلى تسوية مع المعارضة، لكنه أقر بأن ذلك "غير مرجح".
وأثارت هذه التطورات قلق الأسواق المالية، حيث انخفض مؤشر كاك 40 الفرنسي بنحو 2% يوم الثلاثاء، بعد تراجع بنسبة 1.6% يوم الاثنين. كما ارتفع عائد السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات إلى 3.52%، وهو أعلى مستوى منذ مارس/ آذار الماضي، وحذر وزير العدل جيرالد دارمانين من احتمال حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، بينما أشار لومبارد إلى "خطر" تدخل صندوق النقد الدولي إذا فشلت فرنسا في تنظيم شؤونها المالية.
وتواجه حكومة فرانسوا بايرو أزمة وجودية، حيث يبدو أن تصويت الثقة المقبل قد يكون الحاسم في تحديد مصيرها، مع تصاعد الرفض السياسي والشعبي، وتفاقم التوترات الاقتصادية.