وقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ نحو شهر، في منتدى استثماري بالسعودية موجّهًا تحذيرًا إلى إيران، قال فيه: "لن نسمح أبدًا بتهديد أمريكا أو حلفائها بهجوم إرهابي أو نووي"، مضيفًا أن الوقت ينفد وأن الأمور تتطور بسرعة.
وبدت حينها وكأنها مجرد تصريحات، لكن خلف الكواليس كانت هناك مؤشرات على أن الضربة الإسرائيلية لإيران باتت وشيكة، وأن واشنطن تستعد فعليًا لها.
وبحسب مسؤولين أمريكيين، بدأ البنتاغون في منتصف مايو/أيار، بوضع خطط طوارئ لمساعدة إسرائيل إذا قررت تنفيذ هجوم على البرنامج النووي الإيراني.
وذكر مصدر غربي وآخر أوكراني أن واشنطن حولت آلاف قطع الأسلحة الدفاعية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط استعدادًا لأي صراع محتمل.
وبينما لطالما قدّم ترامب نفسه كـ"صانع سلام"، دفعه ضغط حلفائه السياسيين إلى دعم الهجوم، فقد أشار مسؤولان أمريكيان إلى أن الاستخبارات رصدت استعدادات إسرائيلية لشن ضربة أحادية الجانب، حتى دون تنسيق مع واشنطن.
ومع أن ترامب لم يكن متحمسًا للعمل العسكري في البداية، إلا أنه لم يمانع، خاصة في ظل تعثر الدبلوماسية.
وبحلول مطلع يونيو/حزيران، باتت ملامح القرار واضحة، بحسب رويترز.
تلقى ترامب اتصالات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووفق مصادر أمريكية، أبدى الرئيس الأمريكي "موافقة ضمنية" على الهجوم، حتى لو لم يُعلنها صراحة.
وفي 12 يونيو/حزيران، نفّذت إسرائيل الضربة الأولى، مستهدفة منشآت نووية ومواقع قيادية إيرانية؛ وتابع ترامب وكبار مساعديه العملية من غرفة عمليات البيت الأبيض.
وبحسب مصادر أمريكية، كان الهجوم ناجحًا من الناحية العسكرية، إذ قُتل مستشارون مقربون من المرشد الأعلى علي خامنئي، وتعرضت منشآت نووية لأضرار جسيمة.
ورغم أن إسرائيل فكرت في استهداف خامنئي نفسه، فإن ترامب تدخّل لثنيها عن ذلك.
لكن، لم تمضِ أيام قليلة حتى بدأت الخلافات داخل الحزب الجمهوري.
واتهم عدد من كبار المحافظين إدارة ترامب بالتصعيد غير المبرر.
كما أظهرت تقارير استخباراتية أن الهجمات أخّرت برنامج إيران النووي لأشهر فقط، دون أن توقفه. ويرى محللون أن ضرب منشأة "فوردو" المحصنة، وهي جوهرة البرنامج النووي الإيراني، هو الخيار الوحيد لإلحاق ضرر حقيقي، وهو ما تملكه واشنطن فقط.
ترامب، الذي سبق أن أمر بقتل قاسم سليماني عام 2020، يجد نفسه اليوم أمام معضلة جديدة: إما مواصلة المسار الدبلوماسي، أو التصعيد العسكري عبر ضربة أمريكية مباشرة لفوردو.
وحتى مساء الخميس، لا تزال نوايا الرئيس غير واضحة، بينما تترقب المنطقة عواقب قرار قد يغيّر شكل الصراع برمّته.