ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
بعد أشهر من الحشد العسكري في منطقة البحر الكاريبي وتحريك آلاف الجنود ومجموعة حاملة طائرات، تعمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وضع خطط سرية لما يمكن أن يحدث في حال رحيل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بحسب مسؤولين كبار ومصدر مطلع على المناقشات لشبكة "سي إن إن".
هذه الخطط التي تُحفظ بعناية داخل البيت الأبيض تشمل خيارات متعددة، سواء كان خروج مادورو طواعية عبر اتفاق تفاوضي، أو بعد ضربات أمريكية على أهداف محددة، أو أي تدخل مباشر آخر.
وفي حين يُعلن المسؤولون علنًا أن الغاية الأساسية هي الحد من تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، فإن التخطيط الداخلي يُشير إلى أن إدارة ترامب تفكر جدياً في دفع مادورو للتنحي عن السلطة.
كما أن الانقسامات داخل الإدارة واضحة؛ هناك فصائل متعددة تتباين حول جدوى العمل العسكري أو السري، بينما يشدد مسؤولون على عدم الرغبة في تصعيد واسع، إلا أن البيت الأبيض يُبقي جميع الخيارات مفتوحة.
يعكس تصريح ترامب بأن "أيام مادورو معدودة" جدية إدارة البيت الأبيض في الاستعداد لسيناريوهات متعددة، وهو ما يعزز حالة التخطيط الدقيق لكل الاحتمالات.
التعاون مع المعارضة
تعمل المعارضة الفنزويلية بقيادة ماريا كارينا ماتشادو وإدموندو غونزاليس على خطط لما بعد مادورو منذ سنوات، تشمل الأمن والاقتصاد والطاقة والبنية التحتية والتعليم.
ووفق مصادر مطلعة، فإن هذه الخطط تمتد إلى "مئة ساعة" و"مئة يوم" بعد الإطاحة، وقد اطلعت عليها جهات مختلفة داخل إدارة ترامب، رغم عدم وضوح مدى دمجها في التخطيط الرسمي.
أعلنت إدارة ترامب أن غونزاليس هو "الرئيس الشرعي" لفنزويلا استنادًا إلى الانتخابات السابقة، وجرت محادثات غير رسمية حول دور ماتشادو وغونزاليس في قيادة البلاد فور تنحي مادورو.
وقد أكدت المعارضة استعدادها للتعاون مع الولايات المتحدة لتقليل نفوذ أطراف خارجية مثل كوبا وإيران وروسيا والصين في المنطقة.
ومع ذلك، يظل السؤال حول الاعتراف بالحكومة الجديدة محوريًا: إذا تولت ماتشادو وغونزاليس السلطة، فستكون الولايات المتحدة على استعداد لإعادة الاعتراف بهما رسميًا منذ اليوم الأول.
أما إذا شكلت حكومة انتقالية تضم شخصيات من الحركة التشافيزية، فسيكون الاعتراف مرتبطًا بالسياسات الاقتصادية والدعم الدولي، ما يجعل القرار السياسي حساسًا للغاية على المستوى الدبلوماسي.
تحديات ما بعد الإطاحة
التخطيط لليوم التالي أكثر تعقيدًا من مجرد اختيار خليفة لمادورو، فهو يشمل تحديد حجم ونوع الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة لتجنب الانزلاق نحو الفوضى والصراع الداخلي.
ويُستبعد نشر قوات أمريكية على الأرض، لكن هناك حاجة ماسة لخطط اقتصادية وأمنية واستخباراتية لضمان استقرار البلاد.
وأشار خبراء مثل مارك كانسيان لـ"سي إن إن"، إلى أهمية وجود خطة جاهزة منذ اليوم الأول لتفادي ما حدث في العراق العام 2003، حيث غابت استراتيجية واضحة لما بعد سقوط النظام.
ويضيف كانسيان أن التخطيط الجاد يجعل من الصعب على ترامب التراجع عن أي جهود لتغيير النظام، ويضع الولايات المتحدة أمام مسؤولية ضمان شرعية الحكومة الجديدة على الصعيدين المحلي والدولي.
كما يُظهر سجل مادورو من انتهاك الاتفاقات السابقة صعوبة التفاوض الطويل، مما يزيد الضغوط على إدارة ترامب لاتخاذ قرارات سريعة وحاسمة.
وفي هذا السياق، يشكل التخطيط المكثف لليوم التالي علامة على حرص الإدارة على تفادي أي فراغ سياسي أو انزلاق اقتصادي يمكن أن يُضاعف من أزمات الشعب الفنزويلي.
وتجري إدارة ترامب تخطيطًا استراتيجيًا متكاملًا للتعامل مع رحيل مادورو، يجمع بين التحضير العسكري والاقتصادي والدبلوماسي، مع مراعاة دور المعارضة الفنزويلية والشركاء الدوليين.
بينما يبقى السؤال الأكبر؛ هل ستتمكن الولايات المتحدة والمعارضة من تنفيذ هذه الخطط بنجاح دون تصعيد أمني أو فوضى داخلية، أم أن السيناريو الفنزويلي سيظل عرضة للمخاطر والصراعات الإقليمية؟