كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن أجهزة الاستخبارات في ساحل العاج تمكنت مؤخرًا من توقيف عدد من المواطنين الماليين والبوركينابيين المرتبطين بجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، الفرع الساحلي لتنظيم "القاعدة".
وأظهرت التحقيقات أن هذه الشبكات تسعى إلى التمدد جنوبًا، عبر استقطاب عناصر جديدة داخل الأراضي الإيفوارية، مستغلة هشاشة بعض المناطق الحدودية وصعوبات التنمية المحلية.
وبحسب مصادر أمنية متطابقة، تمكّنت المخابرات الإيفوارية، مطلع شباط/ فبراير الماضي، من رصد شبكة تجنيد تضم عناصر مالية وبوركينابية، تعمل على استقطاب الشباب الإيفواري للقتال في صفوف الجماعات المسلحة الناشطة بمنطقة الساحل.
وبدأت العمليات الاستخباراتية باعتقال المدعو "عيسى د." في مدينة داوكرو، التي تبعد نحو 230 كيلومترًا شمال العاصمة أبيدجان، حيث كشفت التحقيقات الأولية عن انتمائه إلى كتيبة تابعة لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" تنشط في غابات باما جنوب شرق بوركينا فاسو. كما عُثر في هاتفه على مواد دعائية ورسائل تحريضية ضمن مجموعة على تطبيق "واتساب" كان ينشط فيها.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في 12 شباط/ فبراير، أُلقي القبض على "عبدالله س."، وهو مالي الجنسية ومنتمٍ لقبائل الفولان، وكان يشغل منصب الإداري لتلك المجموعة على "واتساب".
ويُعد "عبدالله س." من أوائل المنضمين إلى كتيبة "ماسينا" منذ تأسيسها عام 2015 على يد الداعية المتشدد أمادو كوفا. وتنقّل بين وسط مالي وشمال بوركينا فاسو قبل انتقاله إلى كوت ديفوار.
وكشفت المصادر أن "عيسى د." و"عبدالله س." كانا يخططان منذ عام 2023 لتوسيع شبكة التجنيد بالتنسيق مع ثلاثة آخرين من مالي وبوركينا فاسو يقيمون في ساحل العاج، مع التركيز على استقطاب شباب محليين عبر مجموعات مشبوهة على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وفي نهاية آذار/ مارس، ألقت السلطات القبض على "حما د."، نيجري الجنسية ومقيم في أبيدجان، بعد ضبط مواد دعائية مرتبطة بالجماعات المتشددة على هاتفه. كما تم توقيف عنصر رابع قاتل سابقًا في صفوف كتيبة "ماسينا".
ورغم أن التحقيقات لم تكشف عن مخططات فورية لتنفيذ هجمات داخل كوت ديفوار، إلا أن السلطات الأمنية تعتبر هذه العمليات مؤشرًا على استمرار تهديد الجماعات المتطرفة للبلاد، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة بعد ستة أشهر.
ومنذ الهجوم الإرهابي الذي استهدف منتجع "غراند بسام" عام 2016 وأودى بحياة 19 شخصًا، لم تتعرض ساحل العاج لهجمات كبيرة، إلا أن التهديد لم يتراجع، بل توسّع مع تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية في دول الساحل، وسعيها للتمدد نحو دول خليج غينيا.
وأبرزت الصحيفة أن السلطات الأمنية عبّرت عن مخاوفها بعد اكتشاف أرقام هواتف إيفوارية مسجّلة ضمن مجموعات تروّج للجهاد على "واتساب"، ما يشير إلى احتمال وجود خلايا نائمة قد تهدد الأمن الداخلي مستقبلًا.
وكانت ساحل العاج قد شهدت في تموز/ يوليو 2024 عملية أمنية مشتركة مع الولايات المتحدة وفرنسا، أسفرت عن تفكيك شبكة تابعة لتنظيم "داعش" في أبيدجان ومدغشقر، واعتقال ستة سوريين وعراقيين يُشتبه في تخطيطهم لهجمات، من بينها استهداف دورة الألعاب الأولمبية في باريس.