كشفت دراسات متخصصة عن هشاشة مؤسسات الحوكمة واستمرار عوامل توتّر اجتماعي وسياسي قد تؤثر في مسار ساحل العاج، التي يُظهر اقتصادها منجزات نمو مشجعة.
يأتي ذلك مع تبقِّي 6 أشهر على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، المُقررة في الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر المُقبل، إذ يبقى التحدي الأبرز هو قدرة مؤسسات الحكم والمجتمع المدني والإعلام على ضمان استحقاق انتخابي يحظى بثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء.
سجّلت كوت ديفوار معدل نمو متوسطًا، بلغ 6.5٪ سنويًا بين الأعوام 2021 و2024، ما يعزز مكانتها كإحدى أسرع الاقتصادات نمواً في إفريقيا، وفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية.
أشارت الصحيفة إلى أن هذا التفوّق الاقتصادي نتيجة توسّع قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية، إضافة إلى استثمارات دولية في البنية التحتية والطاقة.
وأكدت الصحيفة أنه رغم تصنيف البلاد ضمن دول "منخفضة المخاطر" للاقتصاد الكلي، يشير خبراء إلى أن المكاسب لم تنعكس بعد بشكل ملموس على مؤشرات التشغيل وتوزيع الدخل، إذ لا تزال بطالة الشباب مرتفعة، ونسب الفقر مرتفعة في المناطق الريفية.
ويصف تقرير وكالة "بلومفيلد إنتليجنس" النظام السياسي الإيفواري بـ"المهجن" بين الديمقراطية والاستبداد، مستنداً إلى استبعاد شخصيات معارضة بارزة، من قبيل الرئيس الأسبق لوران غباغبو وشارل بليه جودي، من قوائم الناخبين.
وبيّن أن ضعف ثقة المواطنين في مفوضية الانتخابات المستقلة يفاقم مخاطر الطعون الانتخابية، ويجعل البلاد عرضة للتقلبات السياسية التي قد تطيح باستقرار الأجواء الاستثمارية.
ومثّل الحكومة في العرض السنوي لـ"بلومفيلد" وزير تشجيع الشباب والمتحدث الرسمي المساعد، مامادو توريه، الذي طمأن رجال الأعمال قائلاً: "الاستعدادات جارية لضمان شفافية الاقتراع، ومؤسساتنا قوية ومرنة"، منتقدًا أي "لعب بورقة المعارضة" في اللحظات الأخيرة.
لكن مسؤولين سابقين أعربوا عن قلقهم؛ فقد اعتبر فنسنت توه بي إيري، المحافظ السابق لأبيدجان، أن "تاريخ البلاد وعلامات التوتر الراهنة تستوجب الحذر".
في حين حذّر ساكو جيرفيه بوجا، رئيس مؤسسة "FIDHOP" لحقوق الإنسان، من أن "مجرّد الحديث عن المخاطر قد يصبح مبرراً للتضييق على الأصوات الحرة".
وأكد تقرير الصحيفة الفرنسية أنه مع بدء الحملة الانتخابية، ترصد المنظمات الإقليمية والدولية أداء الأطراف السياسية في ضبط مناخ المساءلة.
ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي في أبيدجان إلى "الحفاظ على بيئة سلمية تضمن مشاركة شعبية واسعة"، مؤكدة ضرورة احترام المعايير الدولية في المراقبة.
ويضطلع المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة بدور رقابي فعّال للحد من العنف الانتخابي والتلاعب بالبيانات.
وأطلقت جمعيات حقوقية حملات توعية حول آليات الطعن القانوني في نتائج الاقتراع، وشجعت على التسجيل المبكر لتفادي أي عقبات تنظيمية.
ورغم التحذيرات السياسية، يرى خبراء أن قطاعات الزراعة الحديثة والطاقة المتجددة والاتصالات ستظل جاذبة للاستثمار خلال العامين المقبلين، شريطة اعتماد استراتيجيات مرنة تتوافق مع التقلبات.
وأوصت الصحيفة الفرنسية بتنويع المحفظة الاستثمارية والاطّلاع على الإطار التشريعي لقطاع المعادن، الذي قد يشهد تعديلات بعد الانتخابات، لافتة إلى أنه في خضمّ الزخم الاقتصادي، تواجه كوت ديفوار اختباراً مزدوجاً يقع بيّن تأكيد زخم النمو والحفاظ على بيئة سياسية ديمقراطية شفافة.