logo
العالم

ساحل العاج.. تحول إستراتيجي في التعاون العسكري مع فرنسا

ساحل العاج.. تحول إستراتيجي في التعاون العسكري مع فرنسا
قوات فرنسية خلال مغادرة ساحل العاجالمصدر: (أ ف ب)
27 فبراير 2025، 4:28 م

رأى خبراء سياسيون فرنسيون متخصصون في الشأن الأفريقي أن الإستراتيجية الفرنسية في ساحل العاج اتخذت منعطفاً استثنائياً، وذلك مع انتقال السيطرة على القاعدة العسكرية في "بورت-بويت" إلى السلطات العاجية، مما يعكس تحولاً كبيراً في التعاون العسكري بين البلدين في ظل إعادة التشكيل الإقليمي.

إعادة تموضع غير مسبوقة 

من جهته، قال جان-مارك غرانجان، المحلل العسكري في مركز الدراسات الإستراتيجية الفرنسي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن ساحل العاج تسعى إلى الحفاظ على علاقة متينة مع فرنسا، على عكس دول أخرى في المنطقة، مستفيدة من الخبرة الفرنسية في التدريب العسكري.

وأضاف أنه بعد عقود من السيطرة الفرنسية، أصبح معسكر بورت-بويت، المعروف باسم "الكتبية 43 للمشاة البحرية"، تحت سيطرة ساحل العاج رسمياً منذ 20 فبراير. هذا التحول الإستراتيجي، الذي جرى تحت أنظار وحدات من الجيشين الفرنسي والعاجي، يُنظر إليه كنقطة انطلاق لنموذج جديد من التعاون الأمني بين البلدين.

لطالما مثّل هذا المعسكر، الممتد على مساحة 230 هكتاراً جنوب أبيدجان، مركزاً رئيساً لنفوذ فرنسا العسكري في غرب أفريقيا، حيث وفر منصة انطلاق بحرية وجوية وبرية للعمليات الفرنسية في المنطقة.

وخلال أزمة 2004، التي وضعت باريس في موقف تدخل معقد، تمركز في القاعدة نحو 5000 جندي فرنسي، وفقاً للباحث السياسي الفرنسي.

وأشار إلى أنه على الرغم من هذا التراجع الرمزي للوجود الفرنسي، إلا أن ذلك لا يعني انتهاء التعاون الأمني بين البلدين، بل يُعاد تشكيله وفق رؤية جديدة تهدف إلى تقليل "البصمة العسكرية الفرنسية في أفريقيا"، وهي الإستراتيجية التي ينتهجها الرئيس إيمانويل ماكرون.

قرار متفق عليه

تميزت مراسم تسليم القاعدة بالأجواء الرسمية، حيث ألقى وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، ووزير الدفاع العاجي، تيني بيراهيمة واتارا، كلمات تعكس توافقاً بين البلدين على أهمية هذا التحول.

وأكد لوكورنو على "روح أبيدجان" التي قادت هذا القرار المشترك، بينما شدد واتارا على التزام البلدين بمواصلة التعاون العسكري رغم التغيرات الجارية.

ورغم أن فرنسا خفضت وجودها العسكري تدريجياً في ساحل العاج على مدار الأشهر الماضية، إلا أن عشرات الجنود الفرنسيين سيظلون متمركزين في القاعدة، التي باتت تُعرف رسمياً باسم "معسكر واتارا توماس داكين"، تخليداً لأول رئيس أركان للجيش بعد الاستقلال.

وأشار إلي أن انتقال القاعدة العسكرية إلى السيادة العاجية خطوة رمزية، لكنها لا تعني نهاية التعاون، بل إعادة هيكلته على أسس جديدة.

بدوره، اعتبر لوران بيلو، خبير في العلاقات الفرنسية الأفريقية في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن أبيدجان ترغب في إبراز استقلاليتها في اتخاذ القرارات العسكرية، لكنها تدرك أهمية الشراكة مع فرنسا في مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية.

أخبار ذات علاقة

قاعدة كتيبة مشاة البحرية الفرنسية في أبيدجان

فرنسا تسلم قاعدتها العسكرية في ساحل العاج

وأشار بيلو إلى أنه على ما يبدو أن التعاون العسكري بين فرنسا وساحل العاج يدخل مرحلة جديدة، حيث تسعى أبيدجان إلى تعزيز استقلالها الدفاعي دون القطيعة التامة مع شريكها التقليدي. ومع استمرار التحديات الأمنية في غرب أفريقيا، سيكون هذا النموذج الجديد موضع اختبار في السنوات المقبلة.

تعاون عسكري جديد في اختبار الواقع

يأتي هذا التحول بينما اتخذت دول أفريقية أخرى، مثل: السنغال، وتشاد، قرارات بإنهاء اتفاقيات الدفاع مع فرنسا، ما يجعل ساحل العاج حالة استثنائية في إعادة صياغة العلاقات العسكرية الفرنسية الأفريقية.

كما يرى بيلو أن "ساحل العاج تختلف عن باقي الدول الأفريقية، فقد تم الحفاظ على وجود فرنسي محدود في القاعدة، على عكس السنغال التي أغلقت بالكامل القواعد الفرنسية". ووفقاً له، فإن الهدف الرئيس من الإبقاء على هذه الوحدة الفرنسية يتمثل في تدريب وتأهيل الجيش العاجي في إطار نموذج جديد من التعاون العسكري.

آفاق التعاون العسكري بين باريس وأبيدجان

يبقى من المبكر تحديد الشكل النهائي لهذا التعاون، لكن فرنسا بدأت بالفعل بحث خيارات تمويل جديدة لدعم القدرات العسكرية العاجية، بما في ذلك تحديث تجهيزات الجيش.

كما تسعى باريس إلى تعزيز التعاون في مجالات إستراتيجية، مثل: المراقبة الجوية، والذكاء الاصطناعي، الدفاعي، وهو ما تجلى في تنظيم معرض دولي في أبيدجان، مؤخراً، حول تقنيات الدفاع والأمن.

وأشار وزير الدفاع العاجي، في حديث مع إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية، إلى أن بلاده ستواصل التعاون مع فرنسا في مجال الطيران العسكري، حيث سيتم تدريب الطيارين العاجيين في قاعدة بواكي الجوية.

أخبار ذات علاقة

مدربون من قوات الإيفوارية والفرنسية يقودون تدريبات لمكافحة الإرهاب بالقرب من جاكوفيل، ساحل العاج

"انسحاب بلا احتجاجات".. فرنسا تغادر ساحل العاج بهدوء

 فرنسا تعيد صياغة وجودها العسكري في أفريقيا

على الرغم من انسحابها من مالي، وبوركينا فاسو، وتراجع نفوذها في العديد من الدول الأفريقية، لا تزال فرنسا تحتفظ بوجودها العسكري في قواعد رئيسة، مثل: جيبوتي، والغابون.

ومع ذلك، يظل لساحل العاج أهمية خاصة بالنسبة لباريس، إذ وصفها وزير الجيوش الفرنسي بـ"المعجزة الاقتصادية الإقليمية التي تجب حمايتها".

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC