رأى تقرير غربي أن روسيا تتبع استراتيجية ذكية لإطالة أمد الحرب، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجح في تحويل التردد الأمريكي إلى فرصة لتعزيز موقفه على الأرض.
وبحسب "فورين أفيرز"، فإن قمة ألاسكا الأخيرة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، سادها شعورٌ قاتم في أوكرانيا وبين حلفائها؛ إذ تراوحت التوقُّعات خلالها بين “يالطا جديدة” تمنح موسكو نفوذًا واسعًا على كييف، و”ميونيخ جديدة” يتخلَّى فيها ترامب عن دعم الدفاع الأوكراني، وبعبارة أخرى، ظلَّ سقف الآمال منخفضًا حتى لحظة انعقاد القمة.
على الرغم من تصعيد التصريحات الأمريكية تجاه موسكو، فإن بوتين يستخدم ما يمكن تسميته "الدبلوماسية المتأرجحة" لكسب الوقت، وتعتمد استراتيجية الكرملين على إبقاء أوكرانيا تحت الضغط العسكري والاقتصادي، مع إيهام الوسطاء بمرونة محتملة؛ ما يُتيح لروسيا استنزاف الموارد الأوكرانية دون الالتزام بأي حل سياسي نهائي، ريثما ينفد صبر ترامب، ليُصبح الوقت بذلك، سلاحًا بيد موسكو، حيث تمكن الجيش الروسي من المحافظة على تفوقه العددي نسبيًا، وتستمر محاولاته للتقدم في مناطق دونباس، في حين يقلص التفوق الأوكراني في مجالات مثل الطائرات المسيّرة.
وبحسب التقرير فإن المتابع لملف الحرب يرى أن بوتين ينقل الحوار الأمريكي-الأوكراني إلى ملعبه السياسي، مستغلًا كل تقلب في المواقف الأمريكية؛ ففي الوقت الذي يلتقي فيه ترامب بمستشارين أوروبيين وأوكرانيين، تتسع الفجوة بين الضغط المطلوب على روسيا والإجراءات الفعلية التي يتخذها البيت الأبيض؛ ما يترك كييف أمام تحديات عسكرية وسياسية متزايدة.
حتى على المستوى الاقتصادي، تبدو روسيا قادرة على استيعاب العقوبات الأمريكية الجزئية، مع الاعتماد على مصادر دخل بديلة، ما يتيح استمرار العمليات العسكرية بوتيرة مرتفعة، ويترتب على ذلك أن الحل السياسي يظل بعيد المنال، في حين تتزايد الضغوط على الحكومة الأوكرانية للموازنة بين الدفاع عن الأرض والحفاظ على حياة السكان.
وبينما تصف بعض الدوائر الغربية القمة الأمريكية-الروسية بأنها "إنجاز دبلوماسي"، يظهر الواقع على الأرض أن بوتين استطاع تحويل ما كان يفترض أن يكون ضغطًا دبلوماسيًا أمريكيًا إلى فرصة لإعادة ترتيب الأوراق على الأرض، ولذلك فإن الحرب، بهذا المعنى، لن تتوقف؛ فالوقت ليس عاملًا في موازين القوى فحسب، بل أصبح أداةً استراتيجية يستخدمها الكرملين لإطالة أمد النزاع وتأجيل أي حل شامل.
في نهاية المطاف، الرسالة التي يحملها هذا الملف هي أن الدبلوماسية وحدها لا تكفي لكبح تصاعد الصراع في أوكرانيا، وأن أي خطوة أمريكية أو أوروبية يجب أن ترافقها قدرةٌ ملموسة على حماية المدنيين ودعم كييف على الأرض، ونظرًا لأن بوتين يكسب الوقت، فإن أوكرانيا قد تدفع ثمن هذه المراوغة السياسية المستمرة.