logo
العالم

ما خيارات الغرب لمواجهة قيود الصين على المعادن الثمينة؟

حاويات معدة للتصديرالمصدر: رويترز

رأى خبراء أن هناك مجموعة من السيناريوهات التي قد تتعامل بها الدول الغنية مع الصين في ظل البحث عن رد على القيود التي فرضتها على صادرات المعادن النادرة.

ومن بين السيناريوهات التنسيق بين مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي واليابان لإصدار بيان مشترك أو تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد بكين بهذا الخصوص.

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

لمواجهة الاحتكار الصيني.. واشنطن تتحرك لملء مخازن المعادن النادرة

ومن بين السيناريوهات المطروحة أيضا أن يصاحب ردّ الغرب على بكين بالشكوى الدولية، فتحُ قنوات تفاوضية معها لبحث استثناءات أو تحديد كميات تصدير مضمونة وتنظيم الإمدادات. 

عمود فقري

وكانت بكين قد فرضت أخيرا قيوداً على تصدير 7 عناصر رئيسة من المعادن النادرة، ثم أضافت لاحقاً 5 عناصر جديدة مهمة، لتصبح القيود تشمل أكثر من 12 عنصرًا من أصل 17، أي معظم هذه المجموعة تقريبًا.

ويقول الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، إن "هذه المعادن ليست بتلك البساطة التي يتصورها البعض، بل هي أعمق وربما تكون سببًا في ترجيح كفة طرف على آخر، وإنها حرب قد تكون أكثر تعقيدًا حتى من الحرب العسكرية أو المواجهة المسلحة".

وأضاف الشوبكي لـ"إرم نيوز"، إن "ورقة المعادن النادرة برزت منذ 3 عقود كورقة جيوسياسية بالغة الأهمية، إذ أصبحت العمود الفقري للتكنولوجيا الحديثة من هواتف ذكية وسيارات كهربائية وصواريخ وطائرات وأجهزة تصوير وحتى في مجالات الإشعاع، وإن السيطرة على هذه المعادن لم تعد مسألة اقتصادية فحسب، بل تحولت إلى أداة نفوذ عالمي تشبه تمامًا ما كانت تمثله الطاقة والنفط بالنسبة للغرب في القرن الماضي".

وأشار إلى أن "الصين استثمرت مبكرًا في المناجم داخل أراضيها وخارجها، وخاصة في إفريقيا، وضخت مليارات الدولارات رغم التكلفة البيئية العالية وضعف المعايير البيئية، متجاوزة هذه المعايير لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، وبدأت منذ مطلع الألفية الجديدة بدمج الشركات وفرض حصص إنتاج صارمة وقيود على التصدير، بل وأقدمت على تأميم جزئي للقطاعات الحساسة، إلى أن تحولت اليوم إلى القوة الأولى دون منازع في هذا القطاع".

وأكد الشوبكي، أن "الصين تسيطر حاليًا على نحو 70% من إنتاج خامات المعادن النادرة في العالم كمناجم، لكنها تمتلك تقريبًا 90% من قدرات المعالجة والتنقية العالمية، وخاصة العناصر الثقيلة الأكثر أهمية والتي يصعب فصلها، وهذه السيطرة لا تقتصر على المواد الخام فقط، بل تمتد إلى التكنولوجيا والخبرة الصناعية التي تمتلكها بكين ولا تمتلكها أي دولة أخرى بالعمق نفسه.

إحياء المناجم

وأوضح الشوبكي، أن "الولايات المتحدة أدركت خطورة هذا الاعتماد شبه الكامل على الصين، فبدأت منذ سنوات ببناء بدائل استراتيجية، حيث أعادت إحياء منجم ماونتن باس في كاليفورنيا ليكون أكبر منجم للمعادن النادرة في أمريكا الشمالية، بدعم حكومي ضمن خطة لإحياء المعالجة المحلية".

إلى جانب ذلك، عملت واشنطن على تطوير مرافق للفصل وتقنيات معالجة في تكساس عبر شركة "ليناس" الأسترالية، وتسعى لتطوير تكنولوجيا جديدة لمعالجة العناصر الثقيلة رغم المخاطر البيئية، بل إنها بدأت تتجاوز هذه المخاطر لتحقيق أهدافها.

وأشار إلى أن "واشنطن تبني أيضًا تحالفات مع دول صديقة، مثل اتفاق المعادن مع أوكرانيا وخططها للسيطرة على معادن في جزيرة غرينلاند".

ولفت الشوبكي، إلى أن "الغرب يعمل على تنويع مصادره من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأستراليا، إلا أن الزمن يبقى في صالح الصين، لأن بناء منشآت المعالجة يستغرق من 3 إلى 5 سنوات ويحتاج إلى تكنولوجيا ربما تكون صينية، لذلك يُتوقع أن تبقى الصين في موقع التفوق على الأقل خلال السنتين إلى الثلاث سنوات القادمة، أو حتى نهاية هذا العقد".

رد دبلوماسي غربي

بدوره، رأى الباحث في الشأن الصيني محمد بايرام، أن "بكين تملك اليوم أكثر من 70% من قدرة التكرير العالمية للمعادن النادرة، ما يجعلها نقطة تحكم رئيسة في سلاسل التوريد الحيوية، في وقت تمثل فيه قيودها الجديدة تحديًا استراتيجيًا يتطلب من الدول الغنية تبني مقاربة متعددة المسارات"، لافتاً إلى أنه من الضروري البدء بردّ دبلوماسي منسق لتقليل التصعيد على الأقل في المرحلة الراهنة.

وقال بايرام لـ"إرم نيوز"، إن "هذه المقاربة السريعة والمتكاملة يمكن أن تمكن الدول الغنية من تقليص نفوذ الصين التدريجي على الأسواق العالمية، مع تحقيق توازن بين المصالح الاقتصادية والأمنية والاستدامة البيئية".

ولفت إلى وجود سيناريو وصفه بـ"السيئ للغاية"، يتمثل في حدوث اختناقات فورية وارتفاع في أسعار المعادن النادرة قد يتجاوز 50% خلال عام واحد، ما سيؤدي إلى تباطؤ في قطاعات السيارات والإلكترونيات والدفاع.

وذكر أن ذلك سيكون له تأثير كبير، حيث سيؤدي إلى تصاعد التضخم الصناعي وانتقال زيادة الأسعار إلى المستهلك النهائي، ما يسبب تضخمًا عامًا، مؤكدًا أن الأسوأ هو توقع استمرار آثار الأزمة لمدة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات لبناء منظومة إمداد مستقلة.

انعكاسات على الصين

وأشار بايرام، إلى أن "الصينيين يدركون أن تقييد تصدير المعادن النادرة سيقود إلى فرض قيود انتقائية على بعض الصادرات والاستثمارات الصينية في القطاعات الحساسة، إضافة إلى فتح تحقيقات تجارية حول الممارسات غير العادلة، وربما فرض رسوم إضافية أو تقديم إعانات دعم للصناعات البديلة في الدول الغربية".

وأردف قائلًا، إن "الصين تميل إلى فتح نافذة للبيع، ولكن بشكل متوازن يضمن لها حصتها في السوق العالمية ويفرض شروطها كما تريد".

أخبار ذات علاقة

منشأة "ليناس" لمعالجة المعادن النادرة

فجرت غضب ترامب.. لماذا تفاقمت أزمة المعادن النادرة بين واشنطن وبكين؟

شكوى ضد بكين

وذكر بايرام، أن "القرار الصيني أثار قلقًا كبيرًا لدى الحكومات والصناعات في الدول الغنية التي تعتمد على هذه المواد، ما دفعها إلى البحث عن ردود منسقة لضمان استقرار إمداداتها الحيوية".

وتشمل المواد المشمولة بالقيود التصديرية الصينية، عناصر نادرة إضافية مثل الإربيوم، الهيليوم، الثوليوم، اليوروبيوم، والتيربيوم.

كما وضعت السلطات الصينية قيودًا وشروطًا إضافية على التصدير للشركات الأجنبية التي تستخدم مواد أو تقنيات صينية في عملياتها، وهدفها المعلن هو حماية أمنها القومي وضمان الاستخدام السليم للموارد الاستراتيجية والاكتفاء الذاتي من تلك المواد.

واعتبر بايرام، أن "الغرب يرى في هذا القرار دوافع سياسية واقتصادية، ولذلك يجب على مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي واليابان التنسيق لإصدار بيان مشترك أو تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية، إلى جانب فتح قنوات تفاوضية مع الصين لبحث استثناءات أو تحديد كميات تصدير مضمونة وتنظيم الإمدادات". 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC