شرع البنتاغون في حملة شرائية ضخمة لتخزين ما يصل إلى مليار دولار من المعادن الحيوية، في محاولة لمواجهة الهيمنة الصينية على سلاسل التوريد الخاصة بالمعادن المستخدمة في الصناعات الدفاعية الحساسة.
وكشفت الوثائق الرسمية الصادرة عن وكالة الخدمات اللوجستية الدفاعية (DLA) أن وزارة الدفاع الأمريكية بدأت تسريع وتيرة بناء مخزونها الوطني من هذه المواد النادرة، في وقت تتزايد القيود الصينية على تصدير عديدٍ من العناصر الحيوية التي تدخل في صناعة كل شيء من الهواتف الذكية إلى الطائرات المقاتلة، في خطوة تُبرز التحول الجيوسياسي الحاد في سباق الموارد الاستراتيجية.
من جانبه، قال مسؤول دفاعي سابق إن البنتاغون "يركز بشدة على توسيع مخزوناته"، مشيراً إلى أن "الحكومة تبحث عن مصادر جديدة لمجموعة من الخامات الضرورية للمنتجات الدفاعية، بطريقة مدروسة وشاملة".
وذكرت مصادر أن هذه الخطوة جاءت بعد أن أعلنت بكين قيوداً جديدة على تصدير المعادن الأرضية النادرة وتقنياتها المرتبطة، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إلغاء اجتماع كان مقرراً مع نظيره الصيني شي جين بينغ، قائلاً إن بلاده "لن تسمح للصين بأن تحتجز العالم رهينة"، متوعداً بفرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 100% على الواردات الصينية.
وكشفت وثائق وكالة الخدمات اللوجستية الدفاعية (DLA) أن وزارة الدفاع الأمريكية تُسرّع وتيرة بناء مخزونها الوطني من هذه المواد النادرة، في ظل القيود الصينية على تصدير العناصر الحيوية التي تدخل في صناعة كل شيء من الهواتف الذكية إلى الطائرات المقاتلة. وقال مسؤول دفاعي سابق إن البنتاغون "يركز بشدة على توسيع مخزوناته"، مضيفًا أن الحكومة تبحث عن مصادر جديدة لخامات ضرورية للمنتجات الدفاعية.
ويرى الخبراء أن المخاوف تصاعدت في واشنطن والعواصم الأوروبية بشأن استقرار الإمدادات؛ إذ تُعد المعادن الحرجة أولوية للأمن القومي الأمريكي لدورها في أنظمة الرادار والدفاع الجوي والصواريخ. وقالت ستيفاني بارنا، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع، إن قدرة الصين على وقف الإمدادات يمكن أن تؤثر مباشرة على قدرة الولايات المتحدة في أي صراع.
ويسعى البنتاغون لشراء كميات ضخمة من الكوبالت بقيمة 500 مليون دولار، و245 مليون دولار من الأنتيمون من شركة "يو إس أنتيموني كوربوريشن"، و100 مليون دولار من التنتالوم من شركة أمريكية غير معلنة، و45 مليون دولار من السكانديوم من شركتي ريو تينتو وAPL Engineered Materials.
وبحسب مراقبين، فإن وكالة الخدمات اللوجستية الدفاعية تخزّن عشرات المعادن في مستودعات عبر الولايات المتحدة بقيمة 1.3 مليار دولار حتى العام 2023، ولا يمكن الإفراج عنها إلا بأمر رئاسي في حالة الحرب. وقد شهدت الأسواق ارتفاعًا في أسعار الجرمانيوم والأنتيمون بعد تقليص الصادرات الصينية؛ ما أثار حالة ذعر في الأسواق الغربية.
قانون ترامب الجديد يموّل سباق المعادن
وخصصت خطة "قانون الفاتورة الواحدة الجميلة" (OBBA) التي أقرها ترامب، 7.5 مليارات دولار للمعادن الحرجة، منها 2 مليار لتعزيز المخزون الدفاعي و5 مليارات لتطوير سلاسل الإمداد، و500 مليون لبرنامج قروض استثماري.
كما أن صفقة ريو تينتو لتوريد نحو 6 أطنان من أكسيد السكانديوم تمت بأسعار تفوق التوقعات السوقية، فيما يُقدَّر الاستهلاك العالمي بـ40 طنًا سنويًا، مع استمرار الصين كأكبر منتج، وأشارت تقارير DLA إلى أن قيود بكين "خنقت سلسلة الإمداد".
تحصل "يو إس أنتيموني" على المواد الخام من كندا والمكسيك وأستراليا وتشاد وبوليفيا وبيرو، وقالت كريستينا بلدا من "أرغوس ميديا" إن الكميات التي تطلبها وكالة الخدمات اللوجستية الدفاعية فاجأت السوق؛ إذ تجاوزت إنتاج الولايات المتحدة السنوي.
وأضاف سولومون سيفاي من "فاست ماركتس" أن شراء كميات ضخمة من البزموت والإنديوم "سيضغط على الإمدادات خارج الصين"، مشيرًا إلى أن واشنطن تخطط للحصول على 222 طنًا من الإنديوم مقارنة بالاستهلاك الأمريكي البالغ 250 طنًا سنويًا.
ورغم غياب التعليق الرسمي، تبقى الرسالة واضحة: الولايات المتحدة تستعد لليوم الذي قد تستخدم فيه الصين سلاح المعادن كما استخدمت روسيا سلاح الطاقة.