تسلّل عشرات الآلاف من جنود القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومقاتلي "وازالينو"، إلى بوروندي الدولة المجاورة بعدما انهار التحالف المهزوم أمام المتمردين الذين سيطروا على مدينة أوفيرا الاستراتيجية.
وفي مواجهة تهديد حركة "إم 23"، تتراجع بوروندي، وتغلق حدودها بعد أن سيطر المتمردون المدعومون من رواندا على آخر مدينة متبقية في مقاطعة كيفو الجنوبية، شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث استحوذوا على مساحات شاسعة من الأراضي، لكن تركت الأبواب مفتوحة أمام اللاجئين الفارين من المعارك.
ومدينة أوفيرا، التي تُعتبر "شرفة" بوجومبورا لقربها المباشر من العاصمة الاقتصادية لبوروندي، تخضع الآن لسيطرة هذه الميليشيا التي تُدار من كيغالي.
ومنذ يوم الاثنين، غادرت القوات الحكومية، القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وحلفاؤها المدنيون المعروفون باسم "وازاليندو" (أي "الوطنيون" باللغة السواحيلية)، هذه المدينة المطلة على البحيرة بأعداد غفيرة.
وعبرت القوات الحدود إلى بوروندي المجاورة في حالة من الفوضى، وعاصمتها بوجومبورا تقع مباشرة على الجانب الآخر من البحيرة. واستقل آخرون قوارب مكتظة للوصول إلى مدينة كاليمي الكونغولية الواقعة جنوباً.
في المقابل، لا يزال هناك 2500 جندي عالقين في التلال المطلة على أوفيرا وسهل روزيزي الحدودي، وفقًا لمصادر داخل الجيش البوروندي نقلاً عن الإعلام المحلي اليوم الجمعة.
وحاليًا وصل الصراع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا إلى حدود بوروندي، مما أثار مخاوف من امتداد إقليمي لهذه الحرب ذات الطموحات التوسعية. وتستهدف رواندا بوروندي بشكل مباشر، متهمةً إياها بانتهاك وقف إطلاق النار.
وتعتقد كيغالي أن السلطات البوروندية لا تملك خيارًا سوى سحب نحو 18 ألف جندي كانوا يقاتلون إلى جانب الجيش الكونغولي في جنوب كيفو. كما تواجه بوروندي أزمة إنسانية داخلية، فقد لجأ عشرات الآلاف من الكونغوليين إلى بوجومبورا في الأيام الأخيرة، هربًا من تقدم حركة "إم 23".
وقد يكون إخراج بوروندي من الصراع أحد أهداف هذا الهجوم. فبدون دعمها ستكون القوات الكونغولية عاجزة أمام قوة نيران حركة "إم 23"، المدعومة بالجيش الرواندي، وهو قوة أكثر تنظيماً وتجهيزاً تكنولوجياً.
وسيُمكّن التحكم في أوفيرا وسهل روزيزي الحركة المتمردة من منع وصول التعزيزات البرية من بوروندي، وفتح طريق إلى مقاطعات أبعد جنوباً، مثل منطقة التعدين في هوت كاتانغا وفق إفادات مراقبين.
زيادة على ذلك، يتزايد الدعم الرواندي لحركة "إم 23"، فبحسب تسريبات من تقرير لفريق خبراء تابع للأمم المتحدة، كشفت عنها إذاعة فرنسا الدولية وصحيفة "لوموند أفريك"، ضاعفت رواندا تقريباً عدد القوات المنتشرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يقاتل ما بين 6000 و7000 جندي الآن مباشرة على خط المواجهة إلى جانب حركة "إم 23". ومع ذلك، لا تزال كيغالي تنفي ذلك.
وبدعم من رواندا، يبدو أن مقاتلي الجماعة المسلحة الكونغولية مصممون الآن على تنفيذ أجندتهم الخاصة، بعد سيطرتهم على المدينة الاستراتيجية الواقعة على الحدود مع بوروندي. إلا أن السيطرة عليها تثبت صعوبتها.
وقد وصف دبلوماسيون بورونديون يوم الأربعاء هجوم حركة"إم 23"، الذي بدأ في أوائل ديسمبر/ كانون الأول قبل وقت قصير من توقيع اتفاقية "سلام" بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية برعاية واشنطن، بأنه "صفعة" موجهة إلى الولايات المتحدة.
وقال أحد المتحدثين باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه "يشعر بالقلق إزاء تصاعد العنف"، وأدان بشدة يوم الخميس الهجوم الجديد الذي شنته جماعة "إم 23" المسلحة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
أما زعيم المعارضة الكونغولية مارتن فايولو فقد صرح في مقابلة مع قناة "فرانس 24" الجمعة، أن الاتفاق بين بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي، الذي توسط فيه الرئيس دونالد ترامب في واشنطن في 4 ديسمبر/ كانون الأول، ما هو إلا "فخ" نصبه الرئيس الرواندي لنظيره الكونغولي.
واتهم فايولو كلا الزعيمين بـ"التورط" ودعا إلى حوار وطني شامل في الكونغو، بما في ذلك مع المعارض جوزيف كابيلا.