الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرتين مسيّرتيْن تم إطلاقهما من اليمن

logo
العالم
خاص

لا اختراق في التفاوض ولا حسم بالتحالف.. كيف تدير إيران "حقل ألغامها" النووي؟

لا اختراق في التفاوض ولا حسم بالتحالف.. كيف تدير إيران "حقل ألغامها" النووي؟
جانب من مفاوضات إيران النووية مع أمريكا والدول الغربيةالمصدر: courtesy
23 يوليو 2025، 5:37 م

لا ترقى التحركات التي تقودها طهران ضمن محور تقاطع مصلحي مع كل من موسكو وبكين، وسط جمود مزمن يُخيّم على مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني، إلى مستوى تحالف رسمي، أو أن تُخفي طابعها الانتهازي المرحلي.

هذه التحرّكات، لا تعبّر بالضرورة عن مشروع نووي بديل متماسك، بقدر ما تعكس محاولة إيرانية للالتفاف على مركزية الغرب في تنظيم قواعد الردع والشرعية النووية.

وبعد أن عاد المسار التفاوضي التقليدي بين إيران والترويكا الأوروبية إلى الواجهة، من خلال سلسلة لقاءات تقنية وسياسية، آخرها جولة نقاشات عقدت في مسقط ثم روما، وسط استعداد لجلسة جديدة في إسطنبول، إلا أن هذه العودة لا تُقرأ كمؤشر على نية حقيقية لاستئناف اتفاق فيينا بشروطه الأولى، بقدر ما تعكس محاولة إيرانية لتأجيل الضغوط الغربية، وشراء الوقت في ظل اختلال توازن الردع الإقليمي والدولي.

ووفق ما تشير إليه مصادر دبلوماسية غربية مطّلعة، لـ"إرم نيوز"، فإن السلوك الإيراني في هذه المرحلة لا يقوم على استراتيجية متكاملة، بقدر ما يتغذّى على الفراغ الدولي، وهي بيئة تُتيح لطهران هامشاً من المناورة، لتعطيل المعادلة أو جرّها إلى مناطق رمادية يصعب ضبطها ضمن معايير اتفاق فيينا.

أخبار ذات علاقة

مشهد من طهران

تجنبا للعقوبات.. إيران تعقد محادثات نووية أوروبية في إسطنبول الجمعة

   

أوهام إيرانية

تشير المصادر إلى أنّ ما يجري بين طهران وموسكو وبكين لا يشكّل حتى الآن تحالفاً صريحاً أو منظومة بديلة واضحة، بقدر ما يُقرأ كحراك تفاهمي مبني على المصالح الظرفية المشتركة.

وتضيف المصادر أنه "من المبالغة تصوير هذا التنسيق الثلاثي كمشروع استراتيجي متكامل"، مضيفةً أنّ "الصين وروسيا، رغم خصومتهما الظاهرة مع الغرب، لا تتبنيان بالكامل المقاربة الإيرانية للملف النووي، خاصة فيما يتعلق بمستوى الشفافية والالتزام بالتعهدات الدولية".

وتلفت المصادر إلى أنّ بكين تميل إلى الحفاظ على موقعها كقوة دولية مسؤولة ضمن النظام العالمي، وأنّ أي تحالف نووي يُفهم منه تهديد مباشر للمنظومة القائمة قد يضرّ بصورتها الدبلوماسية والاستثمارية. أما موسكو، ورغم تبنيها خطاباً سياسياً تصعيدياً في المحافل الدولية، فهي "تتعامل مع إيران كشريك تكتيكي لا كحليف استراتيجي في كل الملفات".

وبحسب مصادر "إرم نيوز"، فإنّ طهران تبالغ أحياناً في رهانها على التفاهمات الثنائية مع الصين وروسيا، وتغفل عن التباينات الجوهرية التي تعيق تأسيس محور نووي متكامل.

وتضيف أنّ "إيران تحاول اللعب على التناقضات الدولية لتكريس مكاسب تفاوضية، لكنها في الوقت نفسه تُسهم في تعقيد المشهد، وتفقد تدريجياً أدوات التأثير التي قد تكون فاعلة لو تم استخدامها ضمن مسار تفاوضي واقعي".

أخبار ذات علاقة

إسماعيل بقائي

الخارجية الإيرانية: ندرس خطواتنا التالية تجاه أمريكا

 مسار مناورة 

المسار الثلاثي بين إيران وروسيا والصين الذي أعلن عن اجتماعه الأخير المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، مؤكدا أن طهران ستبحث مع موسكو وبكين "سبل مواجهة التهديدات الغربية" و"الآليات الممكنة لتفادي العقوبات"، في وقت يتصاعد فيه التلويح الأوروبي باستخدام آلية "سناب باك" ضمن الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

وفي البعد التقني للمسار لا توجد حوله دلائل قاطعة على بناء منظومة ردع نووي مشتركة أو بنية تحتية بديلة لاتفاق فيينا، وفق حديث الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، وليد أبو السعود، لـ"إرم نيوز".

لكنّ ما تلتقطه تقارير أوروبية قد يوحي بتنامي مستوى التفاعل في المجالات المرتبطة بالتقنيات الحساسة، ولا سيّما أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ونقل الخبرات المتعلقة بتأهيل المفاعلات، وتدريب الكوادر على إدارة المنشآت النووية.

ويضيف أبو السعود، أنّ توقيت تصاعد هذا المسار غير منفصل عن التحولات الدولية الراهنة، فهو يرتكز عليه كشرط ضروري لتوسيع الهامش الإيراني–الروسي–الصيني.

فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، دخلت موسكو عملياً في قطيعة استراتيجية مع المنظومة الغربية، وبدأت بالبحث عن فضاءات دعم تبادلية تتجاوز العزلة والعقوبات.

في الوقت نفسه، صعدت بكين إلى موقع أكثر حدة في تحدي الهيمنة الأمريكية، انطلاقاً من المواجهة في بحر الصين الجنوبي، ووصولاً إلى ملفات الشرق الأوسط.

أمام هذا التبدّل، تجد طهران نفسها في بيئة جيوسياسية أكثر تقبّلاً لمناوراتها. فمفاوضات فيينا التي تراوح مكانها منذ سنوات، دخلت مرحلة تجميد غير معلن، بفعل تضارب الحسابات بين واشنطن وطهران، والانقسامات الأوروبية، وفق رأي الباحث في الشؤون الإيرانية.

جمود أوروبي

في موازاة الجمود المسيطر على القنوات التفاوضية مع واشنطن، لم تُفضِ اللقاءات الأخيرة إلى أي اختراق يُذكر في الملف النووي، بل بدت أقرب إلى محاولات استكشاف نوايا متبادلة من أن تكون مفاوضات فعلية، بحسب حديث الكاتب في الشؤون الأوروبية، حسين رامي، لـ"إرم نيوز".

ويضيف: "الأوروبيون، سبق لهم أن راهنوا على استئناف خطة العمل الشاملة (JCPOA)، غير أنهم باتوا اليوم أكثر تشككاً في نجاعة المسار التقليدي، خاصة مع تصاعد الخطاب الإيراني المناهض للمركزية الغربية في إدارة الشأن النووي".

واعتبر رامي أنه ورغم إعادة تنشيط القنوات التفاوضية بين إيران والترويكا الأوروبية، غير أنه لا يبدو أن التقدم سيكون ملموساً، وسط تباين واضح في التوقعات بين الطرفين. ففي حين تسعى الدول الأوروبية إلى استعادة حدٍّ أدنى من الالتزامات الإيرانية المرتبطة بمستويات التخصيب وآليات الرقابة الدولية، تتعامل طهران مع الطاولة التفاوضية باعتبارها مساحة لإعادة ضبط الإيقاع السياسي أكثر من كونها ساحة لإبرام تفاهمات نهائية.

في هذا السياق، يُمكن قراءة الموقف الأوروبي بوصفه حالة تعبير عن توازن دقيق بين الرغبة في احتواء الملف النووي بالحوار، وبين تعقيدات البيئة الجيوسياسية التي تحيط بالقارة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، وتداعياتها على العلاقات مع روسيا، وفق رامي.

وضمن هذا المشهد، تحاول الترويكا الحفاظ على استمرارية المسار التفاوضي كجزء من مسؤوليتها الدولية، فيما توظّف طهران تزامن هذا الانشغال الأوروبي مع انفتاحها المتزايد على موسكو وبكين لبناء هامش تفاوضي أوسع، دون أن تُغلق الباب تماماً أمام الغرب.

أخبار ذات علاقة

زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا أو ما يعرف بـ(E3)

تصعيد ورسائل متعددة.. أوروبا تلوح بورقتها "الحمراء" الأخيرة ضد إيران

 

مُبالغة إيرانية

إيران قد تبالغ في تصوير الشراكة الثلاثية كبديل جاهز للمنظومة الغربية، بينما الواقع يُظهر أنّ ما يجري هو أقرب إلى تفاهمات مرنة تخضع لحسابات ظرفية، وليست مشروعاً متماسكاً قادراً على الصمود أمام الضغوط الدولية، وفق رأي الباحث في الشؤون الإيرانية، وليد أبو السعود.

واعتبر خلال حديثه، لـ"إرم نيوز"، أنه في الأوساط الغربية، يُنظر إلى التحرك الثلاثي بين طهران وموسكو وبكين بقدر من الحذر، دون أن يرقى حتى الآن إلى مستوى الرد الاستراتيجي المباشر. في وقت تسعى فيه إيران، من خلال تعميق شراكتها مع روسيا والصين، إلى توسيع هامشها النووي خارج المدار الغربي.

وتابع أن "ما يظهر في ظاهر هذا المسار كمحاولة لإعادة هندسة التوازنات، يواجه في العمق سلسلة من العوائق البنيوية، تبدأ من هشاشة الاقتصاد الإيراني، ولا تنتهي عند افتقار هذا التحالف الثلاثي إلى رؤية متماسكة أو قدرة على إنتاج منظومة ردع بديلة قابلة للحياة".

في المقابل، يراهن الغرب على ما يمكن تسميته بـ"التآكل الذاتي" للمشروع الموازي، "أي أن طهران، رغم كل محاولات التكيّف، قد تصطدم بسقف وقائع صلبة تعيق استمرار هذا المسار على المدى الطويل، سواء من حيث محدودية الدعم الروسي–الصيني العملي، أو من حيث التعقيدات التقنية والسياسية التي تحاصر المشروع داخلياً".

المرحلة المقبلة ستكون على الأرجح، اختباراً مزدوجاً: لإيران في قدرتها على تحويل هذا المسار إلى بنية ردع حقيقية، وللغرب في مدى استعداده للتعامل مع عالم متعدد الأقطاب في الحقل النووي.

أخبار ذات علاقة

منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم

الخارجية الإيرانية: تخصيب اليورانيوم "خط أحمر ولا رجعة فيه"

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC