مع انتهاء 2025، تبدو منطقة وسط أفريقيا على أعتاب مرحلة حاسمة من التوازنات الإقليمية والاقتصادية، إذ تتداخل التوترات السياسية مع التحولات الاقتصادية الكبرى، لا سيما في جمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون، وسط مخاطر مستمرة في السودان وغينيا الاستوائية، وفق مجلة "جون أفريك".
لم تهدأ العلاقات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا على مدى عام 2025، رغم الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي قادها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي توجت بتوقيع اتفاقية سلام بين كيغالي وكينشاسا في 4 ديسمبر.
الاتفاقية، التي رافقها إطار اقتصادي لم يُكشف عن تفاصيله بالكامل، تهدف إلى تعزيز الاستقرار وإرساء قاعدة لاستغلال المعادن الاستراتيجية، خصوصاً الكوبالت والتنغستن، ضمن "احتياطي الأصول الاستراتيجية" للشركات الأمريكية.
إلا أن الواقع الميداني يبقى هشاً؛ إذ استولى المتمردون على مدينة أوفيرا الاستراتيجية بعد أقل من أسبوع على توقيع الاتفاقية؛ ما يثير شكوكاً حول قدرة ترامب والإدارة الأمريكية على فرض التزام أطراف الاتفاق بالتعهدات الأمنية.
في السودان، تستمر الحرب بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والجيش النظامي بقيادة البرهان، مع تأثيرات عميقة على تشاد المجاورة، حيث نزح أكثر من 700 ألف لاجئ إلى الأراضي التشادية؛ ما يرهق المالية العامة ويزيد المخاطر الأمنية في منطقة حدودية متوترة بالفعل.
في غينيا الاستوائية، تواصل الحكومة برئاسة تيودورو أوبيانغ نغويما مواجهة فرنسا على خلفية نزاع طويل حول ممتلكات في باريس، وهو صراع يعكس استمرار التوترات الدبلوماسية بين مالابو والقوى الغربية، رغم التقارب مع الولايات المتحدة.
في المقابل، تسعى جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى تعزيز دورها في سوق الكوبالت العالمية، بعد تحركها في 2025 لتقييد الصادرات ورفع الأسعار من 21,500 إلى 45,000 دولار للطن، مع توقعات بوصول السعر إلى 55,000 دولار للطن في 2026.
وتخطط الحكومة لتحديد حصص تصديرية سنوية منخفضة للحفاظ على الأرباح وتشجيع التصنيع المحلي، لكنها تواجه تحديات كبيرة؛ محدودية المخزونات في الصين، والتوسع المتوقع لإندونيسيا كمنتج رئيس؛ ما قد يزيد تقلبات السوق ويحد من نفوذ البلاد على المدى الطويل.
وعلى الصعيد المحلي، يواصل المعارض الكاميروني عيسى تشيروما باكاري المنفي في غامبيا، محاولاته للتأثير على المشهد السياسي الداخلي من خلال "مراسيم" وحملات احتجاجية، بعد خلافاته مع الرئيس بول بيا.
وفي الوقت نفسه، تركز الحكومة على إصلاح هيكلي شامل لقطاع الطاقة، مع خطة لتحقيق تغطية كهربائية شاملة بحلول 2030، وإعادة تأهيل البنية التحتية وتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة، وهو ما سيشكل أولوية للتنفيذ في 2026.
يشير تحليل الخبراء إلى أن 2026 سيكون عاماً فاصلاً لتوازن القوى في المنطقة؛ إذ تجمعه عدة متغيرات؛ تشمل استمرار النزاعات المسلحة في السودان وشرق الكونغو، مع تأثيرات عابرة للحدود.
إضافة إلى جهود الكونغو الديمقراطية للسيطرة على سوق الكوبالت، ما يضعها في قلب شبكة الإمداد العالمي للطاقة الكهربائية، والتحديات السياسية في الكاميرون وسط تحول المعارضين والسيطرة على قطاع الطاقة.
وأيضا، التوترات الدبلوماسية في غينيا الاستوائية مع فرنسا، وسط تحولات في علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا.
كل هذه العوامل تجعل من عام 2026 فترة اختبار حقيقية لقدرة الدول الإقليمية على ضبط استقرارها السياسي، وتحقيق نمو اقتصادي، والحفاظ على النفوذ في الأسواق الاستراتيجية، وسط بيئة إقليمية معقدة ومتقلبة.