أثار مقترح الدستور الجديد، الذي يحدد مدة الولاية الرئاسية بسبع سنوات مع إمكانية تجديدها مرة واحدة فقط، جدلًا واسعًا في غينيا وسط اختلاف واضح في مواقف السياسيين والأطراف المعنية.
وكشف رئيس المجلس الوطني الانتقالي دانسا كوروما، في مؤتمر صحفي، عن أبرز عناصر المشروع الذي تم تقديمه للرئيس الغيني الجنرال مامادي دومبويا يوم الخميس الماضي.
وتسمح مسودة الدستور بفترة ولاية تمتد 7 سنوات مع إمكانية التمديد لفترة رئاسية أخرى، ما يفتح الباب أمام استمرار السلطة لمدى أطول، في حين يلتزم الميثاق الذي أقره المجلس العسكري بعد الانقلاب بعدم ترشح أعضاء المؤسسات الانتقالية، ما يبرز فجوة في المعايير بين النصين.
وتعكس هذه الاختلافات التباين في الرؤى حول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية، وتثير تساؤلات حول مدى توافق القرارات مع مبادئ الديمقراطية وشفافية الانتخابات، كما تعكس نزاعات داخلية بين المؤسسات وتحديات في تحقيق توافق سياسي واضح.
وأفاد الباحث والكاتب المتخصص في الشأن الأفريقي منتصر كمال، بأن "التصريحات حول شروط الترشح للرئاسة تتضارب بشكل واضح، حيث ينص الميثاق الانتقالي على أن أعضاء المجلس العسكري والحكومة وقادة المؤسسات الانتقالية غير مسموح لهم بالترشح".
وأضاف كمال لـ"إرم نيوز": "أما مسودة الدستور الجديد الصادرة عن المجلس العسكري، فتمنح أعضاء الحكومة ورؤساء المؤسسات فرصة الترشح والفوز في الانتخابات الرئاسية بشكل واضح، من خلال النصّ على أن رئيس الجمهورية يُنتخب بالاقتراع المباشر، وهذا يعكس تناقضًا كبيرًا مع ميثاق الانتقال الذي يركز على الحياد" وفق قوله.
ورأى أن "طرح مسودة دستور بولاية رئاسية مدتها 7 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، يُعد مؤشرًا على محاولة إعادة رسم قواعد اللعبة السياسية في غينيا، ويثير مخاوف من تكريس حكم طويل الأمد للسلطة القائمة".
وحذر كمال، من أن "هذا التوجه قد يؤدي إلى تقليص فرص التداول السلمي للسلطة الديمقراطية، خاصة في ظل غياب ضمانات حقيقية تمنع التلاعب بالعملية الانتخابية أو استغلال المرحلة الانتقالية".
بدوره، أشار الأكاديمي والمحلل السياسي المهتم بالشأن الأفريقي، خالد عبد الله، إلى أن مشروع الدستور الجديد في غينيا "يثير تساؤلات واسعة حول مستقبل الانتقال السياسي في البلاد، خاصة مع تمديد فترة الولاية الرئاسية".
وقال عبد الله لـ"إرم نيوز"، إن "هذه الخطوة قد تعرقل فرص التداول السلمي للسلطة وتفتح الباب أمام استمرار هيمنة النخب ذاتها على الحكم".
واعتبر أنه "في المقابل، يعتقد بعض الأطراف أن النص الجديد قد يساعد على استقرار المؤسسات ومنح الرئيس وقتًا كافيًا لتنفيذ البرامج التنموية".
وتابع عبد الله: "مع ذلك، يظل غياب توافق شامل بين جميع القوى السياسية والمدنية مصدر قلق كبير. ومع استمرار هذه التباينات، قد تنشأ أزمات سياسية جديدة تهدد أمن واستقرار غينيا الهش".
وأضاف أن "استمرار السيطرة العسكرية على مفاصل القرار يقوض فرص بناء نظام ديمقراطي مستقر، ويهدد بإطالة أمد الأزمة السياسية في البلاد، وهذا التباطؤ يزيد من مخاوف عودة الحكم السلطوي تحت غطاء دستوري جديد، بدلًا من تحقيق انتقال حقيقي إلى الحكم المدني".