الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

من الثورة إلى البناء.. كيف زلزل "جيل زد" المشهد السياسي في نيبال؟

متظاهرون من الشباب في نيبالالمصدر: (أ ب)

بعد أيام من الاحتجاجات العنيفة التي اجتاحت نيبال وأدت إلى استقالة رئيس الوزراء كاي بي شارما أولي، انطلق شباب "جيل زد" في مهمة غير مسبوقة، إذ تحول المتظاهرون إلى عوامل إصلاحية، في خطوة تعكس وعيهم المدني ورغبتهم في إعادة بناء العاصمة.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي الشباب يحملون المكانس وأكياس القمامة، يجوبون شوارع كاتماندو وينظفون الأرصفة، ويجمعون الحطام الناتج عن الاحتجاجات.

احتجاجات نيبال

كما ظهر متطوعون يعيدون أجهزة منزلية مسروقة من المباني المتضررة، بما في ذلك ثلاجات وأفران ميكروويف ومراوح، إلى أماكنها الأصلية.

وأكد المنظمون أن هذه المبادرة تهدف إلى إبراز المسؤولية المدنية لدى الشباب، وأن حركتهم لم تكن فقط احتجاجًا، بل كانت أيضًا دعوة لإعادة البناء والإصلاح.

أخبار ذات علاقة

رئيسة وزراء  نيبال الجديدة سوشيلا كاركي

نيبال.. رئيسة الوزراء الجديدة تتعهّد بوضع حد للفساد

خلفية الاحتجاجات

وبدأت الاحتجاجات بعد وصول غضب الشباب من فساد وغنى الطبقة السياسية إلى نقطة الانفجار.

فقد انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ #nepobaby، الذي كشف عن أساليب الحياة الباذخة لأبناء السياسيين، في بلد يبلغ متوسط الدخل الفردي فيه 1,400 دولار سنويًا، ويعيش واحد من كل أربعة أشخاص تحت خط الفقر.

في 8 سبتمبر/أيلول 2025 انتشرت الاحتجاجات في كاتماندو ومدن رئيسية أخرى مثل بوخارا وبوتوال وبيرجونج، بعد أن فرضت الحكومة حظرًا على 26 منصة للتواصل الاجتماعي، مبررة ذلك بمخاوف تتعلق بالإيرادات الضريبية والأمن السيبراني. 

واعتبر الشباب - الذين ينتمون إلى جيل زد- هذا الإجراء محاولة لإسكات أصواتهم، وهو ما أدى إلى تصعيد الاحتجاجات وتحولها إلى أعمال عنف أدت لسقوط 72 شخصا و2113 مصابا، فيما تعرضت العديد من المباني الحكومية، بما في ذلك البرلمان، ومكتب رئيس الوزراء، والمرافق الإعلامية، للتخريب والنهب، بينما تدخلت بعض العناصر المخربة لتوسيع نطاق العنف بعيدًا عن أهداف الاحتجاجات السلمية. 

أخبار ذات علاقة

إضاءة الشموع تخليداً لضحايا الاحتجاجات

حصيلة ضحايا الاحتجاجات في نيبال ترتفع إلى 72 قتيلا

انعكاسات وتحديات 

في النهاية أدت هذه الاحتجاجات إلى استقالة رئيس الوزراء أولي، ثم تولت سوشيلا كاركي، رئيسة المحكمة العليا السابقة، منصب رئيسة وزراء مؤقتة، لتكون مسؤولة عن إدارة الانتخابات قبل مارس 2026.

ومن أول قراراتها أوصت بحل البرلمان، الأمر الذي أثار جدلًا دستوريًا حول شرعية هذا الإجراء.

هذه الاحتجاجات ليست الأولى في نيبال؛ فقد شهدت البلاد انتفاضتين شعبيتين كبيرتين سابقًا، عام 1990 و2006، وكلتاهما طالبتا بإصلاحات سياسية كبيرة، لكن الحكومات التي جاءت بعد ذلك فشلت في تلبية توقعات الشعب.

محتجون في نيبال

ما يميز هذه الاحتجاجات عن سابقاتها هو أنها قادها بالكامل شباب من جيل "زد" (مواليد تقريبًا بين 1997 و2012).

ويشكل هذا الجيل نحو 40% من سكان نيبال البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة.

نشأ هؤلاء الشباب في ثقافة رقمية متأثرة بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وعاشوا أسوأ سنوات عدم الاستقرار السياسي، حيث شهدت نيبال 14 حكومة خلال 15 عامًا.

وبالرغم من إعلان البلاد نظاما جمهوريا اتحاديا في 2008، فإن دستور 2015 لم يقدم تحسنًا ملموسًا في حياة المواطنين اليومية، وظلت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، والفساد، والمحسوبية قائمة.

أخبار ذات علاقة

سوشيلا كاركي

بعد أسبوع الاحتجاجات الدامية.. أول امرأة تتسلم رئاسة الحكومة في نيبال

دور وسائل التواصل الاجتماعي 

يمتلك أكثر من 73% من الأسر في نيبال هاتفًا محمولًا، ويستخدم نحو 55% من السكان الإنترنت. لذلك كانت وسائل التواصل الاجتماعي منصة مهمة للتعبير السياسي، خاصة مع تحيز الإعلام التقليدي للأحزاب السياسية.

رأى شباب جيل "زد" أن الحظر محاولة للرقابة على آرائهم، وسرعان ما تحول الغضب على الإنترنت إلى احتجاجات في الشوارع. و رفعت الحكومة الحظر في 8 سبتمبر، لكن الإجراء لم ينقذها.

وتشبه احتجاجات نيبال حركات مشابهة في بنغلاديش، وسريلانكا، وإندونيسيا، حيث نظم الشباب احتجاجات ضد الفساد والبطالة، واستخدموا الوسائل الرقمية مثل الميمز والهاشتاجات لتنظيم تحركاتهم بدلاً من الهياكل الحزبية التقليدية.

ماذا بعد؟

لا يزال المستقبل السياسي لنيبال غير واضح، فرغم تعيين رئيس حكومة مؤقتة تواجه البلاد تحديات كبيرة؛ فالمحتجون شباب من شبكة غير منظمة ويفتقرون للخبرة في إدارة الدولة، بينما لا تزال المؤسسات الرئيسية مثل القضاء والبيروقراطية والشرطة تحت سيطرة النخب القديمة.

رغم ذلك، توفر هذه الاحتجاجات فرصة تاريخية لإصلاح النظام الحكومي في نيبال، فالنجاح الحقيقي يعتمد على مدى قدرة الشباب على تحويل هذه السلطة الجديدة لمعالجة القضايا الهيكلية التي دفعتهم إلى النزول إلى الشوارع، وخلق نظام سياسي أكثر عدلاً وشفافية.

أخبار ذات علاقة

احتجاجات جيل زد في نيبال

نفوذ صيني متصاعد.. جذور جيوسياسية وراء اضطرابات نيبال

ومع ذلك، يحذر المراقبون من أن استغلال القوى المناهضة للديمقراطية لهذه اللحظة قد يعيد نيبال إلى الوراء ديمقراطيًا، كما حدث في بنغلاديش بعد احتجاجات الطلاب المناهضة للحكومة العام الماضي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC