رأى تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية أن هناك خمسة أسباب "معقولة" دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تأجيل اتخاذ قرار بشأن التدخل في إيران لمدة أسبوعين.
وبعد مغادرته قمة مجموعة السبع في كندا مبكرًا، مساء الثلاثاء، دعا ترامب إلى اجتماع طارئ لمستشاريه للأمن القومي، متأهبًا للانضمام إلى حرب إسرائيل ضد إيران، قبل أن يتراجع ويؤجل هذه الخطوة.
وبالنسبة لبعض مراقبي السياسة الأمريكية، يبدو هذا مثالًا آخر على تمسك ترامب بغرائزه، مشيرين إلى مصطلح "تاكو" الذي يعني أن "ترامب دائمًا يتراجع"، وهو الاختصار الذي يثير غضبه بشكل واضح.
وبحسب الصحيفة، فرغم تباين أسباب تراجع الرئيس ترامب، فإن هناك عدة أسباب "معقولة" للتأجيل، أولها النزاعات الداخلية، حيث سبّب حديث ترامب عن الحرب انقسامًا حادًا في قاعدته الشعبية.
وأوضحت أن الموالين لـ"ماغا" (شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" الذي يمثل قاعدة ترامب) تميل غرائزهم في السياسة الخارجية إلى الانعزالية بشكل كبير، وهم يشعرون بالرعب من احتمال قيام حامل لوائهم بجرهم إلى صراع جديد، خاصة بعد حملتهم الشرسة ضد هذه المغامرة.
وقالت الصحيفة إن احتمال التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط أبرز الانقسام الأيديولوجي العميق في اليمين الأمريكي، وهو صراع يضع صقورًا تقليديين مثل السيناتور ليندسي غراهام، الذين ما زالوا يعتبرون الولايات المتحدة شرطي العالم، في مواجهة الجناح الشعبوي بقيادة شخصيات مثل ستيف بانون، الذي يرفض سياسة التدخل التي اتسمت بها حقبة جورج دبليو بوش.
وذهبت الصحيفة إلى أن الانحياز الوثيق لإسرائيل معرّض لخطر إعادة صياغته، من قِبَل حركة ترامب، كـ"محافظ جديد"، لا يختلف عن مؤسسة السياسة الخارجية التي تعهد يومًا بإسقاطها، لكن الظهور بمظهر من يتخلى عن إسرائيل، الحليف الأعز لأمريكا، يحمل في طياته مخاطر سياسية خاصة به.
وتابعت الصحيفة أن السبب الثاني يرتبط بالتحركات العسكرية، إذ يمنح التأخير القصير مزيدًا من الوقت لنشر الأصول الهجومية الأمريكية.
ومع وجود أكثر من 40 ألف جندي أمريكي متمركزين في 19 موقعًا في الشرق الأوسط، سترغب واشنطن في تعزيز دفاعاتها ضد أي رد إيراني محتمل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستنزاف الإسرائيلي لقدرات ودفاعات إيران يُمثل سببًا ثالثًاً، لا سيما حول منشأة التخصيب المدفونة في فوردو، والتي يُرجح أن تكون الهدف الأمريكي الرئيسي.
وفي هذا السياق، سيكون ترامب حذرًا من التداعيات السياسية والعسكرية في حال إسقاط قاذفة بي-2 الثمينة، فكلما أضعفت إسرائيل القدرات الدفاعية لطهران، قلّت خطورة العملية على القوات الأمريكية.
وأردفت الصحيفة أنه على الصعيد الدبلوماسي، ربما نصحت أصوات في وزارة الخارجية بضبط النفس أيضًا. فهناك مؤشرات على أن إيران، مع رفضها طلب "الاستسلام غير المشروط"، تُشير إلى اهتمامها بمخرج تفاوضي.
ويتيح التوقف المؤقت وقتًا لدبلوماسية القنوات الخلفية، ربما مع قيام أوروبا، وخاصة فرنسا، بدور في الوساطة، ما يفسح مجالاً للعودة إلى التفاوض الذي يُعد سببًا معقولا رابعًا.
وخلُصت الصحيفة إلى أن السبب الأخير قد يكون رغبة الرئيس ترامب في خداع إيران مُجددًا، إذ من الممكن أن يكون التأخير لمدة أسبوعين خدعة مصممة لمباغتة إيران، لتشن الولايات المتحدة هجومها قبل الموعد النهائي بوقت طويل.
ومع رئيسٍ متقلب كترامب، أكدت الصحيفة في ختام تقريرها أن كل شيء وارد.
