أثار قرار مجلس الدولة الفرنسي بشأن عدم أهلية زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان منعطفًا قانونيًا مهمًا قد يغيّر مسار القضية.
فبينما فشلت طعون لوبان في فرنسا أمام القضاء الإداري والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تشير تحليلات قانونية إلى أن محكمة الاستئناف بباريس قد تعيد النظر في قرار استبعادها السياسي.
وتعدّ شرعية تنفيذ الحكم المؤقت بعدم أهلية زعيمة اليمين المتطرف موضوع نقاش ساخن في الأوساط القانونية والسياسية، وفقًا لما ذكرت مجلة "لوبوان".
وقالت المجلة إن تنفيذ الحكم بشكل فوري يحرم السياسي المُدان، حتى لو كان قد استأنف الحكم، من حقه في الحصول على مراجعة قضائية من خلال درجتين من التقاضي، وهو ما يُعتبر عنصراً أساسياً في الحق في اللجوء إلى القضاء بفاعلية.
شرعية التنفيذ المؤقت
يشير القانون الفرنسي، عبر المجلس الدستوري، إلى المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789، التي تضمن حقوق الأفراد وفصل السلطات. ويؤكد الخبراء أن التنفيذ الفوري لعقوبة عدم الأهلية يؤثر سلبًا على حرية الناخبين، إذ يحرمهم بشكل مسبق من إمكانية التصويت لصالح مرشح معيّن.
ومنذ سنوات، وباسم ضرورة الالتزام بالقدوة من قبل المسؤولين المنتخبين، يقوم القضاة الجنائيون تقريبًا بشكل تلقائي بفرض التنفيذ الفوري لعقوبة عدم الأهلية؛ ما يحوّلها عمليًا إلى عقوبة تلقائية، خلافًا للقانون.
وقد صدر حكم المحكمة الابتدائية في باريس في 31 مارس/آذار 2025 بتطبيق التنفيذ الفوري لعقوبة عدم أهلية مارين لوبان؛ ما يمنعها من الترشّح للانتخابات الرئاسية، بحجة أن انتخابها سيؤدي إلى "اضطراب كبير في النظام الديمقراطي العام".
إعادة النظر في استبعاد لوبان
على الرغم من أن الطعون التي قدّمتها مارين لوبان أمام القضاء الإداري والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تؤدِّ بعد إلى نتيجة، فإن عدة عناصر قد تدفع محكمة الاستئناف في باريس لإعادة النظر في استبعادها، باعتبار أن ملايين الناخبين المتأثرين بحرمانهم من خيارهم السياسي قد تتأثر حريتهم.
وفي 17 أكتوبر/تشرين أول 2025، أصدر مجلس الدولة قرارًا يقضي بتأكيد رفض رئيس الوزراء الإقرار بانتهاء ولاية اثنين من النواب الأوروبيين، الذين أدينوا في الوقت نفسه مع لوبان بعقوبة عدم الأهلية مع التنفيذ الفوري.
وبذلك، يظل هذان العضوان في البرلمان الأوروبي في منصبيهما إلى أن يصدر حكم نهائي بشأنهما، وهو ما يوسع نطاق الأحكام السابقة لتشمل النواب الأوروبيين، بناءً على السوابق المتعلقة بالنواب الوطنيين.
ويؤكد مجلس الدولة أن التنفيذ الفوري لعقوبة عدم الأهلية لا يؤثر على ولاية أعضاء البرلمان الأوروبي، على غرار النواب أو أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسيين؛ ما دام الحكم النهائي لم يصدر بعد.
ويستند في ذلك إلى قانون 7 يوليو/تموز 1977، الذي يطبّق على النواب الأوروبيين نفس نظام أهلية النواب الوطنيين، باعتبار أن مهام البرلمان الأوروبي تتوازى مع مهام البرلمان الفرنسي على المستوى الوطني.
التنفيذ المؤقت والحق الأوروبي
هناك سببان إضافيان قد يدفعان إلى إعادة النظر في حكم عدم الأهلية. أولاً، الشروط المطلوبة لتنفيذ العقوبة مؤقتًا وفقًا للقانون الجنائي الفرنسي (خطر الهروب، تكرار الجريمة، أو تهديد للنظام العام) وهي غير متوافرة في قضية لوبان، إلا إذا تم توسيع تعريف "النظام العام" بشكل مبالغ فيه.
ثانياً، فرض عقوبة عدم الأهلية على المناصب الوطنية، لا سيما التنفيذ المؤقت لها، قد يتعارض مع القانون الأوروبي.
فقد أدينت لوبان على خلفية انتهاكات لقواعد البرلمان الأوروبي بشأن استخدام المساعدين البرلمانيين، حيث اعتبر القضاء الفرنسي توظيف المساعدين من الحزب جريمة اختلاس أموال عامة وفق المادة 432-15 من القانون الجنائي الفرنسي.
ويلاحظ الخبراء أن هذه الانتهاكات مرتبطة مباشرة بمهامها كعضو في البرلمان الأوروبي، وليس بأي نشاط وطني آخر.
ويؤكد القانون الأوروبي على ضرورة حماية المصالح المالية للاتحاد الأوروبي، لكنه لا يشترط أن تؤدي هذه المخالفات إلى حرمان المرشح من الترشح على المناصب الوطنية. وبناءً على ذلك، يُرجح أن يحجم قاضي الاستئناف أو النقض عن تأكيد التنفيذ المؤقت لعقوبة عدم أهليّة مارين لوبان.