الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة
لم تعد خطوط التماس في أوكرانيا ثابتة، ولم تعد خرائط السيطرة محصورة في الشرق والجنوب فحسب، خاصةً بعد التمدد الروسي المفاجئ إلى مناطق أبعد من المتوقع، كما حدث في دنيبروبتروفسك، ما يعيد تشكيل مشهد الصراع ويثير تساؤلات عن استراتيجية موسكو المقبلة.
في خطوة ذات دلالة ميدانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية سيطرتها على قريتين جديدتين، "مالييفكا" في دنيبروبتروفسك و"زيليني هاي" في دونيتسك، مؤكدةً أن العملية جاءت في سياق "هجوم نشط" أوقع خسائر فادحة في القوات الأوكرانية.
ووفقًا للمراقبين، إذا ما ثبت هذا التقدم، فهو الأول من نوعه داخل حدود دنيبروبتروفسك منذ السيطرة على "داتشنوي"، وهو ما يجعل من التوغل الروسي خارج نطاق المعارك التقليدية أمرًا لافتًا.
هذه التطورات تأتي وسط تصاعد التوتر الميداني في دونيتسك واستمرار الضربات المتبادلة، بما في ذلك استهدافات مكثفة للبنية التحتية والدفاعات الأوكرانية.
ويتزامن هذا التحرك مع حالة جمود دبلوماسي تام، ما يعزز احتمالات أن تكون موسكو بصدد فرض وقائع ميدانية جديدة قبل أي استئناف لمسار تفاوضي محتمل.
وبينما تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت هذه التحركات مؤقتة أم مقدمة لاختراق استراتيجي أوسع، يبرز تساؤل محوري: هل تشكل هذه السيطرة المحدودة في ظاهرها بداية لتحول كبير في نمط الحرب واتجاهها؟
المحاضر في مركز البحوث العلمية التطبيقية والاستشارية، الدكتور ميرزاد حاجم، ذكر أن الأهداف الأساسية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ما زالت كما هي، وتتمثل في "نزع سلاح أوكرانيا، ونزع النازية، وإنهاء السياسات العدائية تجاه موسكو"، وفق ما تعلنه روسيا.
وقال حاجم في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن هذه الأهداف يمكن تحقيقها بطريقتين، عبر المسار العسكري أو من خلال مفاوضات جدية تستند إلى شروط روسية واضحة.
وأضاف أن روسيا خاضت خمس جولات تفاوض فاشلة، بسبب ما وصفه بـ"مراوغة الطرف الآخر" وتجاهله لمطالب موسكو الجوهرية، والتحجج بـ"أعذار شكلية" لعدم الدخول في جوهر التفاهمات.
وأكد الباحث: "إذا تحققت شروط موسكو، فلن تكون هناك حاجة للحرب، أما إذا استُبعد الحل السياسي، فإن العمليات ستتواصل حتى النهاية".
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، الدكتور نزار بوش، إن القوات الروسية تشن في الوقت الحالي هجومًا واسعًا على منطقة باكروفسك، التي تمثل عقدة لوجستية استراتيجية للقوات الأوكرانية.
وأشار إلى أن سقوطها قد يؤدي إلى "انهيار متسلسل" على مستوى الوحدات الميدانية والمدن المتبقية في الجبهة الشرقية.
وأوضح بوش أن موسكو تدرك اليوم محدودية تأثير واشنطن، سواء على أوروبا أو على مراكز القوى المعادية لروسيا، مشيرًا إلى أن "الرئيس دونالد ترامب فشل في كبح الدعم الغربي لكييف، ولم ينجح في كسر قبضة الصقور داخل الإدارة الأمريكية".
ولفت إلى أن هذا المشهد عزز قناعة روسيا بأن الحل لن يكون سياسيًا في المدى القريب، ما دفعها إلى تصعيد عسكري مركز، شمل استهداف مواقع تصنيع الطائرات المسيّرة، ومنشآت الصواريخ، ونقاط تجمع الجنود الأجانب.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الجيش الروسي تمكن خلال الأيام الأخيرة من السيطرة على بلدتي زيليوني وميليفكا، وهما موقعان حيويان في دونيتسك ودنيبروبتروفسك، يقعان على خطوط الإمداد الحيوي نحو الجبهة.
وأضاف أن روسيا مستعدة للاستمرار في الحرب على كافة المستويات، محذرًا من أن "كسر الإرادة الروسية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر مواجهة كبرى، قد تصل إلى حدود حرب عالمية ثالثة، وهي مغامرة لن يخرج أحد منها منتصرًا".