ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
في تطور مفاجئ، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أيام، من 8 إلى 10 مايو/ أيار، تزامنًا مع احتفالات روسيا بـ"يوم النصر"، ولكن الإعلان قوبل برفض قاطع من الجانب الأوكراني، في حين قال خبراء إن اقتراح موسكو يمثل "اختبارا للنوايا لبناء الثقة".
ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهدنة بأنها "مناورة سياسية تهدف لتضليل المجتمع الدولي"، مشيرًا إلى أن موسكو لا تسعى للسلام، بل تسعى لكسب الوقت وتعزيز مكاسبها العسكرية. وأضاف زيلينسكي أن أوكرانيا لا ترى في إعلان موسكو خطوة نحو التهدئة، بل محاولة للتلاعب بالرأي العام، مؤكدًا أن موسكو لا تسعى لإنهاء الحرب بل لإضفاء طابع احتفالي مؤقت عليها.
وطالب الرئيس الأوكراني بوقف إطلاق نار شامل وغير مشروط لا تقل مدته عن 30 يومًا، كشرط أساسي لأي تحرك جاد نحو السلام، مشددًا على أن "أرواح الأوكرانيين لا يجب أن تكون رهينة لتواريخ رمزية أو قرارات مفاجئة".
وفي وسط الهدنة الروسية والرفض الأوكراني، أفادت مصادر أمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعمل على طرح مبادرة سلام جديدة، تتضمن وقفًا لإطلاق النار مقابل تنازلات من أوكرانيا، أبرزها الاعتراف الضمني بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم.
وتقوم الخطة -التي تروج لها أوساط مقربة من ترامب - على مبدأ "تقاسم النفوذ" بين موسكو وواشنطن داخل أوكرانيا، وهو ما يثير قلق الحلفاء الأوروبيين وتعارضه كييف بشدة، باعتباره تقويضًا للسيادة الأوكرانية ومنحها لروسيا امتيازات غير مستحقة.
بينما تتبادل الأطراف الاتهامات ويستمر غياب الثقة، يبدو أن السلام في أوكرانيا يقف عند مفترق طرق، في انتظار توافق دولي حقيقي، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن لخطة ترامب للسلام أن تنجح إذا كانت الأطراف المعنية لا تثق حتى في نوايا بعضها خلال هدنة قصيرة؟
يرى الخبراء أن إعلان بوتين عن هدنة قصيرة يعد محاولة لتهيئة الأجواء لتفاهم دبلوماسي، لكن يبقى اختبارًا للنوايا في غياب الضمانات الدولية.
ولفتوا إلى أن انعدام الثقة بين موسكو وكييف واستمرار المعارك يحد من فرص نجاح أي مبادرة، بما في ذلك خطة ترامب، ما لم ترفق بإطار سياسي صارم وآلية تنفيذ فعّالة.
وأضاف الخبراء أن بوتين يستغل تراجع الدعم الأمريكي لكييف وتضارب الرسائل الغربية لعرض نفسه كصانع سلام، في وقت تشير عملياته العسكرية على الأرض إلى سعي موسكو لفرض واقع سياسي عبر التصعيد العسكري المدروس.
وقال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية بمركز الدراسات العربية الأوراسية، إن الهدنة التي اقترحها الرئيس بوتين لمدة ثلاثة أيام تهدف إلى تمهيد الطريق نحو اتفاق محتمل مع أوكرانيا، واصفًا إياها بـ"الخطوة التمهيدية لبناء الثقة واختبار النوايا".
وأوضح بريجع لـ"إرم نيوز" أن أي خرق للهدنة سيؤثر سلبًا على جهود التفاوض ويصعّب الوصول إلى تسوية سلمية.
وأضاف أن هناك تواصلًا دبلوماسيًا بين روسيا والولايات المتحدة يتناول ملفات معقدة، بما في ذلك قضايا الشرق الأوسط والعقوبات المفروضة على موسكو، مؤكدا أن روسيا استعادت السيطرة الكاملة على مقاطعة كورسك من القوات الأوكرانية، ما يمنح الرئيس بوتين ورقة قوة إضافية في أي مفاوضات مقبلة.
وشدد بريجع على أن موسكو تعتبر الهدنة اختبارًا حقيقيًا للالتزام، محذرًا من أن أي انتهاك لها سيؤدي إلى تصعيد ميداني جديد يضر بأوكرانيا.
وأشار إلى أن الجيش الروسي يسيطر الآن على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، ما يعزز من موقف موسكو التفاوضي. واعتبر أن أي وقف لإطلاق النار لن يحقق هدفه دون وجود مظلة دولية تضمن التنفيذ الصارم لبنوده، مؤكدًا أن استمرار القتال سيُفرغ الهدن من مضمونها ويزيد من تعقيد المشهد السياسي على المستويين الإقليمي والدولي.
من جانبه، أكد إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى لاستثمار الضغوط الأمريكية على القيادة الأوكرانية، بالإضافة إلى ما وصفه بـ "التغاضي الأمريكي" عن التقدم العسكري الروسي في أوكرانيا، بهدف إظهار روسيا بمظهر الساعية لحلول سلمية.
وأوضح كابان في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن موسكو تحاول إرسال إشارات برغبتها في السلام من خلال مطالبها باعتراف كييف بسيادتها على شبه جزيرة القرم، كما يسعى بوتين إلى تأجيج الخلافات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، خصوصًا حول القرم وبعض المناطق الحيوية.
وأشار كابان إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدرك التناقض بين الخطاب الإعلامي الروسي والواقع الميداني، حيث تواصل روسيا العمليات العسكرية وتتهم الجيش الأوكراني بخرق الهدنة، بينما تروج إعلاميًا لرغبتها في السلام، لا سيما بعد إعلان الهدنة للمرة الثانية بعد هدنة عيد الفصح.
وأكد كابان أن الاستراتيجية الروسية تهدف إلى إظهار التزام موسكو بالحلول الدبلوماسية، بينما تشير التحركات العسكرية إلى عكس ذلك. كما لفت إلى تناغم واضح بين بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تسعى موسكو للحصول على نفوذ داخل أوكرانيا، في مقابل نفوذ مماثل تسعى واشنطن إلى الحصول عليه، في ما يبدو أنه اتفاق غير معلن لتقاسم النفوذ وإبعاد أوروبا عن المشهد الأوكراني.
واختتم كابان تصريحاته بالتأكيد على أن التنافس بين بوتين وزيلينسكي بات مكشوفًا، في محاولة من كل طرف لإظهار قدرته على كسب الدعم الأمريكي، في وقت تستمر فيه المواجهات بين الجيشين الروسي والأوكراني دون مؤشرات على قرب انتهاء القتال.