في ظل المفاوضات التي بدأت بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بشأن التفاهم على البرنامج النووي في مسقط، السبت الماضي، تتباين التوقعات بشأن مستقبل المفاوضات والعلاقة بين الطرفين.
ويطرح محللون عدة سيناريوهات محتملة تتراوح بين التفاؤل الكبير والتشاؤم الحاد، في محاولة لاستشراف المسار طويل الأمد لهذه المحادثات المعقدة، فيما يتفق اثنان من المحللين على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يكون عقبة أمام الوصول إلى اتفاق نووي.
ويرسم المحلل السياسي مصطفى هروي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أربعة سيناريوهات عن مستقبل التفاوض والعلاقات بين طهران وواشنطن.
ويشير هروي إلى احتمال استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران وأمريكا كسيناريو أول، بما في ذلك إعادة فتح السفارات. ويعتمد هذا السيناريو على الشخصيات المحورية في المفاوضات، مثل الرئيس دونالد ترامب والمفاوض الأمريكي ستيف ويتكاف، اللذين يسعيان لتحقيق مكاسب اقتصادية بعيدًا عن الأيديولوجيا.
وأضاف أن السيناريو الثاني يتمثل في احتمال أن تُفضي المفاوضات إلى اتفاقات مرحلية ومؤقتة بين الطرفين دون الوصول إلى إعادة العلاقات بشكل كامل. ويعتقد أن "كلفة الحرب والعقوبات المرتفعة قد تدفع الطرفين إلى تجنب التصعيد عبر حلول مؤقتة".
وأشار هروي إلى أن تعمق المفاوضات في التفاصيل الفنية قد يؤدي إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق شامل، خاصة في ظل المعارضات من أطراف متشددة في إسرائيل وإيران وأمريكا، وهو السيناريو الثالث.
ويضيف أن أسوأ السيناريوهات قد يتمثل في تصاعد التوترات إلى حد اندلاع مواجهة عسكرية جديدة، في ظل تراكمات من العداء والشك بين الأطراف.
ورغم هذه السيناريوهات المتباينة، أكد هروي أن الطرفين لا يرغبان في الحرب حاليًّا، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية من غير المرجح أن تقبل العودة الكاملة إلى الاتفاق النووي السابق عام 2015، حيث يسعى ترامب إلى اتفاق أكثر صرامة يحقق مصالح بلاده ويحد من طموحات إيران.
قبول إيران بزيادة الرقابة الدولية
بدوره، أكد الخبير في الشؤون الدولية والنائب الأسبق حشمت الله فلاحت بيشه، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن المفاوضات غير المباشرة التي جرت يوم السبت الماضي في مسقط أظهرت وجود نية جدية لدى الطرفين للوصول إلى تفاهمات عملية، مشيرًا إلى أن نصوص الاتفاقات الأولية لم تُصغ بطريقة تؤدي إلى إنهاء المفاوضات، بل مهدت الطريق لاستمرارها في الأسابيع المقبلة.
ويرى فلاحت بيشه أن جوهر السياسة التفاوضية القادمة سيكون مبنيًا على بناء الثقة مقابل تخفيف العقوبات، حيث من المرجح أن تقبل إيران بزيادة مستويات الرقابة الدولية على برنامجها النووي مقابل اتفاق أمريكي لتقليل الضغط الاقتصادي.
وأشار إلى أن الوفد الإيراني سيركز على محورين رئيسيين هما رفع العقوبات والملف النووي، بينما عبّر الجانب الأمريكي عن تفاؤله دون الإفصاح عن تفاصيل المفاوضات.
سيناريوان متوقعان
وأوضح المحلل السياسي الإيراني أن هناك سيناريوهين واقعيين لمستقبل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، أحدهما إيجابي والآخر سلبي.
ويقول: "إنه في الأول، قد يقبل ترامب باتفاق نووي مشابه للاتفاق السابق عام 2015، ولكن بشروط جديدة تضمن توقيعه الشخصي عليه، بالإضافة إلى تحقيق منافع اقتصادية مباشرة للولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن التصريحات الإيرانية تؤكد عدم وجود مانع للتعاون الاقتصادي مع أمريكا، مما قد يسهم في تخفيف التوتر بين الطرفين.
وأضاف أن "السيناريو الثاني هو التصعيد والعودة للتوتر، حيث في المقابل، قد ينحاز ترامب إلى موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويطرح مطالب تتعارض مع الاستراتيجية النووية الإيرانية، مثل التخلي الكامل عن دورة التخصيب والاكتفاء بمحطات مثل بوشهر مع تزويد الوقود من الخارج. هذه المطالب قد تؤدي إلى فشل المفاوضات وعودة التوترات بين البلدين".
وحذر فلاحت بيشه من دور التيارات المتطرفة في الداخل الأمريكي، التي قد تدفع ترامب نحو مواقف أكثر تصلبًا، مما يُعقّد من إمكانية التوصل إلى اتفاق.
وشدد على أن تعزيز أفق التعاون الاقتصادي بين إيران والولايات المتحدة يمكن أن يسهم في تهميش الأصوات الداعية للتصعيد أو العرقلة، مؤكدًا أن إطارًا عمليًا للتعاون يمكن أن يحصّن المفاوضات من الانهيار ويمنحها فرصة للاستمرارية.
نتنياهو العقبة الأكبر أمام الاتفاق
وأكد الدبلوماسي الإيراني السابق جاويد قربان أوغلي أن المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في مسقط أظهرت مؤشرات إيجابية وأُديرت بذكاء، رغم التصعيد الإعلامي من الطرفين ووجود تيارات معارضة في الداخل.
وأشار في مقال له بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية إلى أن أبرز التحديات تمثلت في شكل المفاوضات (مباشرة أو غير مباشرة)، وقد تم تجاوزها بمرونة بروتوكولية، مؤكدًا أن "إسرائيل، وخصوصًا نتنياهو، تمثل العقبة الرئيسية أمام أي اتفاق، لكنه استبعد أن يكون الاعتراف بها شرطًا أمريكيًا رسميًا".
وحذّر من عرقلة "تجار العقوبات" في الداخل الإيراني، الذين يرون في الاتفاق تهديدًا لمصالحهم، مشددًا على أن رفع العقوبات ضرورة لتحريك الاقتصاد، وأن ربط الاقتصاد الإيراني بشركات أمريكية كبرى قد يكون الضامن الأهم لأي اتفاق مستقبلي.