يضع المراقبون الإسرائيليون تصوّرات محتملة لمستقبل إيران، بعد ما يصفونه بـ"السقوط المرتقب للنظام" نتيجة التصعيد الجاري حالياً.
ولا يستبعد الإسرائيليون في بعض السيناريوهات، صعود مجتبى خامنئي نجل المرشد الإيراني، إلى سدّة القيادة، خاصة بعد تصفية أغلب المقرَّبين من والده بعمليات نفذتها إسرائيل، وعدم استهداف مجتبى حتى الآن.
ويُفسَّر ذلك، وفق بعض التحليلات، بأنه محاولة لإنقاذ ما تبقّى من النظام عبر شخصية ترتبط بالسلطة رغم افتقارها لأي خلفية دينية عميقة.
وبحسب تقديرات المحللة المختصة بالشؤون العربية سميدار بيري، لا يزال كثيرون يستبعدون عودة إيران إلى ما قبل ثورة 1979.
وفي مواجهة طموحات نجل المرشد، يبرز اسم رضا علي بهلوي، نجل الشاه السابق، البالغ من العمر 64 عامًا، كأحد أبرز المرشحين لقيادة ما بعد النظام الحالي. لكن حظوظه، كما يرى مراقبون، تبقى ضعيفة إلا إذا حصل على دعم أمريكي وأوروبي واسع، إضافة إلى تأييد كبير من المعارضة في الخارج، عندها فقط قد يتمكن من العودة.
وبحسب الصحف العبرية، يتعامل ناشطو الحركة الإصلاحية داخل إيران بحذر شديد مع كل من نجل المرشد ونجل الشاه، ويصفون الاثنين بـ"الفاسدين" و"الجشعين"، منتقدين افتقارهما للخبرة اللازمة لقيادة دولة معقّدة مثل إيران.
وفي لوس أنجلوس، التي تُعدّ أكبر تجمع للإيرانيين في المنفى والمقر الرئيس لإقامة بهلوي، يُعرف بلقب "شاه الشاه"، الموروث عن والده "ملك الملوك".
لكن حتى بين أوساط الجالية الإيرانية هناك، لا يُنظر إليه على أنه البديل المنتظر، إذ قال أحدهم لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "مع الأموال والممتلكات التي جلبها معه من إيران، لا يملك حافزًا حقيقيًا للعودة".
وتشير سميدار بيري، إلى أن منظمة "مجاهدي خلق" كانت أول جهة معارضة كشفت، علنًا، عن البرنامج النووي الإيراني السري العام 2002.
ومع ذلك، لا يُسجّل لها نشاط مؤثر داخل إيران.
وتحلم المنظمة بالاستيلاء على الحكم دفعة واحدة، وتوزيع المناصب العليا بين أعضائها.
وتعلن المنظمة دعمها العلني لإقامة جمهورية إيرانية علمانية غير نووية.
من الجدير بالذكر أن مسعود رجوي، الزعيم الرسمي للحركة، لم يظهر، علنًا، منذ أكثر من 20 عامًا، بينما تتولى مريم رجوي، زوجته، القيادة من مقرها في فرنسا.
وكشفت شبكة "NBC" في تحقيق نشرته، العام 2012، أن "مجاهدي خلق" كانت على اتصال بجهاز الموساد الإسرائيلي، الذي درّب عناصرها على استخدام الدراجات النارية، والمتفجرات، وفق التحقيق.
في المقابل، قدّمت المنظمة معلومات استخباراتية لإسرائيل حول الداخل الإيراني.
وبحسب التقارير العبرية، يُشكل الفرس حوالي 48% فقط من السكان، رغم أنهم يمثلون النخبة الحاكمة.
وعلى سبيل المثال، علي خامنئي نفسه من أصل أذربيجاني.
وتبرز جماعات أخرى كالأكراد والبلوش في موقع معارض أكثر حدة للنظام.
الأكراد المسلمون، الذين يُشكلون قرابة 10% من السكان، إلى جانب البلوش القاطنين على الحدود مع باكستان، أنشأوا حركات معارضة خارج البلاد.
ويحظى البلوش بدعم من جهات سُنّية، بل وحتى من إسرائيل، بحسب التقرير، بينما تبقى علاقة الأكراد الإيرانيين بإسرائيل ضعيفة جدًا، رغم محاولات محدودة للتواصل بين الطرفين، لم تتجاوز لقاءين تعارفيين.
وتوجد أيضًا حركة إصلاحية ناشطة تُعرف بـاسم "الأمل الأخضر العظيم"، وتتكوّن أساسًا من شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا، إضافة إلى مشاركة بعض الأهالي.
ويعوّل الغرب على هذه الحركة، على أمل تكرار مشاهد التظاهر كما حصل العام 2009، أو بدرجة أقل، ما حدث، في 2022، عقب وفاة مهسا أميني.
لكن من اللافت أنه منذ بدء عمليات سلاح الجو الإسرائيلي داخل إيران، لم يُسجّل خروج أي مظاهرات.
وتساءل المراقبون الإسرائيليون: "هل تملك المعارضة فعلاً القدرة على إسقاط النظام؟ وهل بإمكانها تأسيس نظام بديل يحظى بقبول المجتمع الإيراني، الموزّع بين طوائف وأعراق متعددة؟".
الجواب – وفق التقديرات الإسرائيلية – ليس محسومًا. فهناك احتمال قائم بألا يحدث أي تغيير جوهري، حتى لو خرج النظام من الحرب ضعيفًا، أو اضطر إلى التخلّي عن طموحاته النووية.
في غضون ذلك، ما زال علي خامنئي مختبئًا، رغم تقدمه في السن، وتردي حالته الصحية، والتهديدات المحدقة بحياته، لكنه، كما في مرات سابقة، ينجو دائمًا.
ومن المفترض، بحسب خطته، أن يخلفه مجتبى خامنئي (55 عامًا)، وقد بدأ تدريبه على إدارة الدولة وتعقيداتها.
وفي بداياته، كان مجتبى من أشد داعمي الرئيس المتشدد أحمدي نجاد، ثم تولّى الإشراف على قوات الباسيج المسؤولة عن قمع الاحتجاجات.
لكنه لا يملك خلفية دينية، ما قد يُبعده عن الترشّح لخلافة والده، بحسب مجلس الخبراء الذي يشترط تأهيلًا دينيًا.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن اغتيال عدد من كبار القادة، في الآونة الأخيرة، قد قوَّض بشكل كبير من شبكة علاقات مجتبى ووالده.
غير أن بعض المعلّقين الإسرائيليين يشيرون، إلى أن "هذا الفراغ في القيادة قد يُمهّد الطريق لمجتبى، ليُصبح وريثًا مفروضًا، حتى وإن لم يحمل مؤهلات دينية".