كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أنه بينما كان محامو البيت الأبيض يدرسون الخيارات القانونية المتاحة لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، حذر كبار المستشارين الرئيس دونالد ترامب من أن محاولة القيام بذلك ستؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق.
ورغم تصريحاته العلنية بشأن إقالة باول وانتقاداته المتكررة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي التي أثارت قلق الأسواق، فإن الرئيس ترامب صرح، مُنهيًا أسبوعًا من الجدل والترقب، بأنه لم تكن لديه أي خطط لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ومتهمًا وسائل الإعلام بترويج رواية كاذبة مفادها أنه كان يسعى للإطاحة برئيس البنك المركزي.
وعود بالإصلاح
وبحسب الصحيفة، في حين تولى الرئيس ترامب منصبه واعدًا بإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي بشكل صارم، وربما مؤلم، لكن مع تمرد الأسواق على تحركاته التجارية والاقتصادية العدوانية، ردّ الرئيس بتنازلات وتساهل.
وبالإضافة إلى تراجعه عن تهديداته المُزعزعة للأسواق بإقالة باول، أبدى ترامب هذا الثلاثاء استعدادًا جديدًا لخفض الرسوم الجمركية الباهظة على الصين.
ويأتي هذا التراجع المزدوج بعد أن أوقف العديد من الرسوم الجمركية التي اقترحها لمدة 90 يومًا.
طمأنة بعد الذعر
وأضافت الصحيفة، أنه في حين طمأنت تعليقات ترامب هذا الأسبوع المستثمرين القلقين، الذين كانوا يشعرون بالذعر إزاء خطاب الرئيس "العدواني"، أظهرت أيضًا أنه رغم إصرار الرئيس على أنه لا يتأثر بتقلبات الأسواق، فإنه ومستشاريه يتابعون عن كثب كيفية استجابة وول ستريت والشركات الكبرى لأجندته.
وبدورهم، يعتقد معظم محللي "وول ستريت" أن محاولة إقالة باول قبل انتهاء ولايته لن تُمكّن الرئيس من خفض أسعار الفائدة التي يرغب بها، نظرًا لعدم وجود دعم من لجنة تحديد أسعار الفائدة التابعة للبنك المركزي، والمؤلفة من 12 عضوًا، لخفضها في الوقت الحالي.
وأشارت الصحيفة إلى أن باول لطالما أكد أنه لا يعتقد أن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي ستتعرض للخطر؛ وقال خلال حديث له في شيكاغو الأسبوع الماضي إن هذا الترتيب "مفهوم ومدعوم على نطاق واسع في واشنطن والكونغرس؛ وحيثما يكون الأمر بالغ الأهمية".
خلاف مختلف
وفي حين أن ترامب دأب على توجيه تهديدات مماثلة ضد الاحتياطي الفيدرالي في عام 2019، إلا أن المستثمرين اعتبروا الخلاف الأخير مختلفًا لسببين، أولاهما: كان ترامب أكثر استعدادًا لتحدي الأعراف المؤسسية والقانونية مقارنةً بولايته الأولى؛ حيث تسعى وزارة العدل إلى إلغاء سابقة قانونية عمرها 90 عامًا، يعتقد العديد من الخبراء القانونيين أنها توفر أقوى حماية ضد إقالة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي من مناصبهم قبل انتهاء ولايتهم.
أما ثانيهما، فيتمثل بأن التضخم قد يُمثل مشكلة أكبر هذا العام؛ لأن تعريفات ترامب أكبر وأوسع نطاقًا بكثير من تلك التي فرضها في ولايته الأولى؛ ما يُهدد بمواجهة أصعب بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، الذي رفع أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة إلى أعلى مستوى لها في عقدين لمكافحة التضخم.
استقلالية الاحتياطي الفيدرالي
ولفتت الصحيفة إلى أن باول اعتبر احتمال المواجهة القانونية غير المرغوب فيها، والتي قد يضطر إلى تحمل تكلفتها من ماله الخاص، أمرًا ضروريًّا للحفاظ على قدرة رؤساء الاحتياطي الفيدرالي المستقبليين على العمل دون خطر الإقالة بسبب نزاع على السياسة.
وأكدت أن الاحتياطي الفيدرالي حافظ على استقلاليته في تحديد السياسة النقدية منذ ارتفاع التضخم في سبعينيات القرن الماضي؛ عندما ضغط الرئيس ريتشارد نيكسون سرًّا، وفقًا لتسجيلات المكتب البيضاوي، على رئيس الاحتياطي الفيدرالي ومستشاره السابق، آرثر بيرنز، لتخفيف السياسة النقدية قبل انتخابات عام 1972.