في ظل توقعات واسعة، اختتمت القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ يوم الاثنين، وسط تساؤلات استراتيجية حول مستقبل "التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية".
ورغم تصريحات الجانبين حول تحديث التحالف ليصبح "استراتيجيًا شاملًا وموجهًا نحو المستقبل"، لم تقدم القمة إجابات واضحة على مدى قدرة هذا التحالف على مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية المتصاعدة.
تأتي هذه القمة في أعقاب الزيارة الأولى للرئيس الكوري الجنوبي المنتخب حديثًا إلى البيت الأبيض بعد عزل الرئيس السابق يون سوك يول، وسط اهتمام ترامب بتحقيق لقاء محتمل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون قبل نهاية العام، واهتمامه الشخصي بملكية الأراضي المستخدمة للقواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية.
وبموجب معاهدة الدفاع المتبادل بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية (1953)، تحتفظ واشنطن بنحو 28,500 جندي في سيول، مقارنة بأكثر من 40,000 سابقًا.
وتشمل هذه القوات الدفاع عن كوريا الجنوبية ضد أي هجوم كبير، وغالبًا من كوريا الشمالية، لكن نطاق التحالف أصبح يطالب بمزيد من المرونة لتغطية تهديدات إقليمية أوسع، خصوصًا من الصين.
كما تعتبر اتفاقية التدابير الخاصة بتقاسم تكاليف الدفاع (SMA) نقطة محورية في المفاوضات، إذ تسعى إدارة ترامب لرفع مساهمة سيول إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 2.8% الحالية، رغم استعداد كوريا الجنوبية لزيادة إنفاقها إلى نحو 3.5% فقط.
وتشمل الاتفاقية تكاليف العمالة لموظفي القوات الأمريكية، وبناء المرافق العسكرية، والدعم اللوجستي للعمليات العسكرية، مع زيادات سنوية تصل إلى 5% وفق الاتفاقية الجديدة.
يركز الأمريكيون على المرونة الاستراتيجية، أي قدرة القوات الأمريكية على استخدام القواعد الكورية لأي عملية إقليمية محتملة، بما في ذلك تايوان، وهو ما يثير تحفظات سيول بسبب قربها من الصين، شريكها التجاري الرئيس، وخشيتها من استفزاز كوريا الشمالية.
وتواجه القيادة المشتركة للتحالف، التي تأسست عام 1978، تحديًا في إدارة عمليات أكثر من 600 ألف عسكري كوري وأمريكي، مع تعزيزات تصل إلى 3.5 مليون جندي احتياطي في حال الحرب.
ويُقود مركز القيادة جنرال أمريكي بأربع نجوم، مع نائب كوري، ضمن هيكل متكامل منذ عقود، لكنه الآن محل مراجعة من قبل سيول.
رغم هذه التعقيدات، أكد الرئيس الكوري الجنوبي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن سيول ستتولى دورًا أكثر استباقية في تعزيز الأمن ورفع ميزانيتها الدفاعية، مع التركيز على بناء "جيش ذكي وقوي" لمواجهة التحديات المعاصرة.
أثار ترامب جدلًا واسعًا خلال القمة بالإشارة إلى إمكانية سعي واشنطن للحصول على ملكية الأراضي المستخدمة للقواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية.
جاء هذا التصريح، الذي أدلى به في البيت الأبيض بعد محادثات استمرت نحو ساعتين، كخروج واضح عن الاتفاقية التقليدية التي نظمت الوجود العسكري الأمريكي في شبه الجزيرة لعقود.
ورغم تأكيده على أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية "صديقتان"، أثار ترامب الجدل بالحديث عن القواعد العسكرية، موضحًا أن سيول لم تمنح واشنطن الأرض، بل أجرَتها فقط، مضيفًا أنه يسعى إلى تحويل الأراضي التي تضم "الحصن الكبير" إلى ملكية أمريكية مباشرة.
في نهاية المطاف، تبدو كوريا الجنوبية أمام مفترق حساس بين دعم التوجه الاستراتيجي الأمريكي، والحفاظ على علاقاتها مع الصين، مع مواجهة تحديات جديدة في ضمان سيادتها ومرونتها العسكرية، وسط قلق مستمر من تصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة الأوسع.