تخوض إسرائيل وإيران الآن صراعاً سيختبر مدى تحمّلهما للألم واستعدادهما للتصعيد، ورغم أن تل أبيب تبدو متفوقة حتى الآن، لكن مع تطور هذه الحرب، ستُختبر قدرتها على الصمود وقوة حليفها الأمريكي.
وفي هيمنة التصعيد، يرى تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية أن إسرائيل تمتلك خيارات أكثر؛ إذ أظهرت الاشتباكات المبكرة، قدرتها على إلحاق ضرر كبير بإيران، واستهداف أكبر للبنية التحتية الرئيسة مثل محطات النفط، أو في نهاية المطاف، بالتلويح بترسانتها النووية.
في المقابل، تستطيع إيران تقديم المزيد من الخيارات المماثلة، مثل الضربات الصاروخية، وإن كانت دقتها أقل من دقة أسلحة إسرائيل، والعديد من أهدافها الرئيسة "محصنة" بملاجئ تحت الأرض. إذا صعّدت إيران هجماتها لضرب البنية التحتية الاقتصادية الإسرائيلية مثل محطات الطاقة أو مصافي النفط، فإنها ببساطة ستستدعي ضربات أشد قسوة رداً على ذلك.
وإذا ضربت إيران أهدافاً أمريكية في المنطقة، كما هدد قادتها، فإن حسابات طهران تبدو أيضاً ضعيفة، لأن استفزاز الولايات المتحدة للانضمام إلى الضربات الإسرائيلية من شأنه أن يفتح المجال أمام قدرات إضافية، مثل قاذفات بي-2 المُجهزة بقنابل "خارقة للتحصينات".
وقد يتضاءل تأثير الضربات الإسرائيلية مع الوقت، فمع اقتراب الأهداف التي أمضوا شهوراً في إعدادها، تعيد القوات الإيرانية تنظيم صفوفها بعد الضربات الأولى، وتزداد الصورة ديناميكية، وقد تعلمت الدول الغربية خلال حربي عامي 1991 و2003 مع العراق أن منصات إطلاق الصواريخ المتنقلة المراوغة قد يصعب التعامل معها.
لا تزال الشكوك قائمة حول مدى فعالية إسرائيل في ضرب البرنامج النووي الإيراني، الذي يقع جزء كبير منه تحت الأرض، وقد أُشيد بالضربات الأولية التي شُنت على موقع نطنز الرئيسي لتخصيب اليورانيوم، ووصفتها بالنجاح. لكن إيران تحتفظ أيضاً بمواد انشطارية في مجمع تحت جبل في فوردو وفي خزائن بأصفهان، وإذا كانت لدى إسرائيل طريقة بارعة لتعطيل هذه المنشآت الجوفية، فإننا لم نرَها.
ولدى كلا الجانبين مخزون محدود من الأسلحة الرئيسة، بمجرد استنفاد هذه الأسلحة، سيدور الصراع حول من سيتحمل المعاناة لفترة أطول، وهنا تكمن ميزة نظام مثل إيران.
إذا نجحت الصواريخ أحياناً في الوصول إلى أهداف إسرائيلية رئيسة، فسيدعم ذلك معنويات الإيرانيين، وبالمثل، بما أن الطائرات الإسرائيلية تحلق بانتظام في الأجواء الإيرانية، فإن أسر طيار إسرائيلي سيكون بمثابة دعاية لهم.