اليونيفل في لبنان: هذا الهجوم من أخطر الهجمات على أفرادنا وممتلكاتها منذ اتفاق نوفمبر
طرأ تحول جذري في موقف ألمانيا حيال اللجوء، إذ أصبحت برلين تطبق نهجا أكثر صرامة وتشددا في هذا الملف دون اكتراث بالإرث التاريخي التقليدي للبلاد التي لطاما احتضنت الفارين من النزاعات والحروب، وراكمت سجلا متسامحا في هذا المجال منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وجاء هذا التغيير في السنوات القليلة الأخيرة، فمن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، إلى تطبيق نهج صارم يقيد اللجوء، كما ورد في بيانات الائتلاف الحكومي المنتظر، تحولت ألمانيا، سريعا، إلى بلد بجدران عالية وأبواب موصدة في وجه اللاجئين.
وعبّر عن هذه التوجهات الجديدة المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس الذي قال إن حكومته المستقبلية تهدف إلى خفض عدد طالبي اللجوء الجدد إلى أقل من 100 ألف طالب لجوء سنويا، وبرر ميرتس الخطوة بوجود ضغط على مؤسسات البلاد وبنيتها التحتية.
وأوضح المستشار القادم في حديثه لإذاعة "إيه أر دي" العامة، أن "الضغط على مدننا وبلداتنا ومدارسنا ومستشفياتنا وبنيتنا التحتية وصل إلى نقطة حرجة".
ووردت تفاصيل هذه الإجراءات المشددة في اتفاق الائتلاف الحكومي بين "الحزب المسيحي الديمقراطي"، و"الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري" (الحزبان يشكلان التحالف المسيحي) وبين الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وكانت ألمانيا استقبلت في العام 2015 نحو مليون لاجئ ليتناقص العدد إلى نحو 330 ألفا في عام 2023 وإلى نحو 230 ألفا في العام الفائت، وهو ما يؤشر إلى سياسة أكثر تقييدا، تهدف إلى خفض العدد إلى ما دون 100 ألف.
وشكل الموقف من الهجرة واللاجئين محورا أساسيا في نقاشات التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي للتوصل إلى تشكيل الائتلاف الحكومي، إذ اتفق الطرفان على تطبيق تدابير وإجراءات للحد من الهجرة غير الشرعية.
ومن الإجراءات المنتظرة في هذا السياق إرجاع طالبي اللجوء على الحدود الألمانية "بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين"، وهو ما يثير الجدل، لأن القانون الأوروبي، وكذلك الألماني، يُلزم كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي النظر في طلب اللجوء، على الأقل لتحديد الدولة المسؤولة عنه.
وتسعى الحكومة الألمانية المقبلة أيضا إلى زيادة عدد عمليات الترحيل من ألمانيا، بما في ذلك سوريا التي كان من المحظور ترحيل اللاجئين إليها قبل سقوط نظام الأسد.
ولتحقيق هذا الهدف، لا تخفي الحكومة المقبلة آليات ستتبعها من أجل الضغط على دول الأصل لإعادة مواطنيها. ويشمل ذلك، وفقا لوثيقة الائتلاف، استخدام ملفات سياسية مثل منح التأشيرات لمواطني هذه الدول، والتعاون الإنمائي والعلاقات الاقتصادية والتجارية.. وغيرها من أوراق الضغط التي ستشهرها برلين في وجه الدول الرافضة لاستقبال مواطنيها المرحلين.
وتعتزم الحكومة الجديدة، في إطار سياسة التقييد، إنهاء برامج الاستقبال الإنسانية، مثل البرنامج المخصص لمتعاوني الجيش الألماني والمدافعين عن حقوق الإنسان في أفغانستان، على سبيل المثال.
أما برنامج إعادة التوطين التابع للأمم المتحدة والذي يُنقل من خلاله طالبو لجوء معرضون للخطر من المخيمات إلى بلدان آمنة، فلم يتم تقديم أي تعهدات بشأن قبول لاجئين جدد من خلال هذا البرنامج الذي استقبلت ألمانيا بموجبه أعدادا كبيرة في السنوات السابقة.
ووفقا للتسريبات، فإن هذا البرنامج سيبقى قائما على الأرجح لكن الأعداد التي ستصل في إطاره إلى البلاد ستتقلص كثيرا.
وتشير وثيقة الائتلاف الحكومي كذلك إلى تعليق لمّ شمل الأسرة للأشخاص الحاصلين على الحماية الثانوية لمدة عامين، وفق تقرير لـ"دويتشه فيله".
إلى ذلك، سيتم تشديد الإجراءات بحق اللاجئين الأوكرانيين الذين توافدوا إلى ألمانيا وأوروبا منذ بدء الحرب في 2022، ويُقيم حاليا حوالي 1.25 مليون لاجئ من أوكرانيا في ألمانيا.
يرى معارضون لهذه الرؤية الحكومية أن مثل هذه الإجراءات المتشددة تقوض مبادئ حقوق الإنسان في ألمانيا، وتلغي حق اللجوء الوارد في الدستور.
ويعتبر المعارضون أن "إلغاء حق اللجوء الفردي هو هجوم مباشر على قيم ألمانيا الإنسانية الأساسية"، لافتين إلى أن "اللجوء ليس منحة، بل هو حق من حقوق الإنسان".
ويشار إلى أن ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، الذي يشمل ألمانيا، يضمن حق اللجوء الفردي، إضافةً إلى حماية اللاجئين من الترحيل القسري بموجب اتفاقية جنيف لحقوق اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويرى خبراء أن هذا التحول في الذهنية الألمانية تجاه اللجوء يعود إلى بروز الأحزاب اليمينية المتطرفة التي طرحت في حملاتها الانتخابية شعارات شعبوية وعنصرية واكتسبت بذلك شعبية واسعة، فالحزب اليميني المتطرف "البديل من أجل ألمانيا"، حصل، في الانتخابات الأخيرة التي جرت في شباط/فبراير الفائت، على نحو 20 % من أصوات الناخبين ليحل في المرتبة الثانية على مستوى البلاد بعد التحالف المسيحي.
ويعزو خبراء ارتفاع شعبية الحزب الذي تأسس العام 2013 إلى برامجه المناهضة للهجرة واللجوء.
ولقطع الطريق أمام هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة سعت الأحزاب التقليدية، بدورها، إلى طرح برامج مماثلة؛ متشددة بشأن الهجرة في سبيل كسب أصوات الناخبين.
ولا ينبغي إغفال أن بعض عمليات الطعن والدهس التي تورط فيها لاجئون عززت هذا التوجه، ومهدت الطريق أمام إجراءات متشددة، تقيد عملية اللجوء.