الجيش الإسرائيلي يدمر برج السوسي السكني وسط مدينة غزة بعد إنذار بقصفه
وسط أجواء دولية مشحونة، وتوترات متصاعدة في ملفات السياسة والطاقة والأمن، تتجه الأنظار إلى موسكو، حيث يُنتظر أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الصيني شي جين بينغ، خلال احتفالات روسيا بالذكرى الثمانين لانتصارها في الحرب العالمية الثانية.
زيارة الرئيس الصيني إلى روسيا تحمل رمزية تاريخية، لا تقتصر على الاحتفاء بالنصر القديم، بل قد تُرسم فيها ملامح جديدة لموازين القوى العالمية، بينما يواجه العالم حربا مستعرة في أوكرانيا، ومخاوف من تصاعد صراع الأقطاب.
وأكدت موسكو وبكين، أن الزيارة تأتي في إطار تعاون دبلوماسي واقتصادي وثقافي راسخ، ويُنتظر توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية خلال فترة الزيارة.
شراكة استراتيجية
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن بلاده في انتظار قائد الصين، مشيرًا إلى أن الزيارة ستكون فرصة لـ«تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين البلدين.
وأشار بيسكوف، إلى أن الزيارة ستشمل مباحثات كاملة حول الأمن والطاقة والتمويل، وأن موسكو مستعدة لاستقبال الوفود الصينية الرسمية على أعلى المستويات.
وأعلن الكرملين أن الزعيمين يناقشان تطوير الشراكة الاستراتيجية، خلال قمة روسية صينية، تشهد توقيع عدة وثائق ثنائية لتعميق التعاون في مختلف المجالات.
من جانبه، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن الرئيس شي جين بينغ سيدفع العلاقات الصينية ‑ الروسية إلى آفاق جديدة عبر هذه الزيارة التي تمتد من 7 إلى 10 مايو/ أيار 2025.
وصرح المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي، بأن الزيارة تأتي برؤية تاريخية واستراتيجية، وأن البلدين سيُجددان التزامهما بـ"الدفاع عن نتائج النصر في الحرب العالمية الثانية وحفظ النظام الدولي".
تحالف صيني روسي
وأكد خبراء سياسيون أن زيارة الرئيس الصيني إلى موسكو تعكس متانة التحالف الصيني الروسي، وتُبرز تماسك محور آسيوي يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران في مواجهة الضغوط الغربية المتصاعدة.
ويرى الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الأزمة الأوكرانية، بدلًا من أن تُضعف العلاقات بين بكين وموسكو، أسهمت في تعزيزها، وأن البلدين تجاوزا آثارها السلبية، واستفادا من السياسات الغربية، وذلك مثل العقوبات والتعريفات الجمركية الأمريكية، في تدعيم أواصر التعاون بينهما سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
وأوضح الخبراء، أن الصين ترفض الهيمنة الأحادية، وتتمسك بمبدأ التعددية القطبية، وأنها تواصل دعم الحلول السلمية للأزمة الأوكرانية، وتُنسق بشكل أعمق مع روسيا داخل المحافل الدولية، في دفاع مشترك عن الاستقرار العالمي وميثاق الأمم المتحدة.
دلآلات زيارة الرئيس الصيني
وتقول الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية، إن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو في الوقت الحالي تُمثل رسالة قوية تعكس مدى متانة التحالف بين البلدين، ومعهما كوريا الشمالية، إلى جانب إيران بلا شك، خاصةً وأن هذا التحالف يزداد قوة واستقرارا يوما بعد يوم.
وأضافت، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن البلدين تجاوزا منذ فترة طويلة تداعيات الأزمة الأوكرانية، التي لم تعد تؤثر عليهما سلبا، بل على العكس، أسهمت في تعزيز تحالفهما، في ظل تصاعد الضغوط الغربية ومحاولات العزل الاقتصادي والسياسي لروسيا.
ولفتت الشيخ إلى أن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ساهمت بدورها في تقوية هذا التحالف، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والإنساني والعسكري بين موسكو وبكين.
تعقيد الوساطة الأمريكية
وفي ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، أوضحت أستاذة العلوم السياسية أن الصين لم تقم بدور الوسيط الفعلي لحل النزاع، خاصة في ظل وجود وساطة أمريكية معقدة نتيجة تضارب المواقف الأوروبية.
وأضافت، أن بكين كانت طرحت منذ عامين مبادرة لوقف إطلاق النار وتسوية الأزمة في إطار دعوة للسلام العالمي، لكنها لم تلق ترحيبا من الأوروبيين أو الأوكرانيين، وهو ما مهد لأن تتصدر واشنطن هذا الدور.
من جهته، أكد المحلل السياسي الصيني نادر رونغ، أن زيارة شي إلى موسكو تحمل رسالة واضحة تؤكد تعاون البلدين في الدفاع عن مكتسبات الحرب العالمية الثانية، والنظام الدولي المتعدد الأقطاب الذي تأسس بعدها، إلى جانب دعم العدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، ورفض الهيمنة الأمريكية وأحادية القطبية.
وقال رونغ، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن الزيارة تعكس أيضا مزيدا من التنسيق بين بكين وموسكو داخل المحافل والمنظمات الدولية، دعما لميثاق الأمم المتحدة وحفاظا على الاستقرار والسلام العالميين.
جهود بكين لإنهاء الحرب
وشدد رونغ على أن موقف الصين من الأزمة الأوكرانية كان واضحا منذ البداية؛ إذ تدعم بكين الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب وتحقيق سلام دائم، وتسعى إلى إيجاد حل مستدام عبر الحوار والتعاون الدولي.
وأشار إلى أن هذه الزيارة ستُضفي مزيدا من الزخم والديناميكية على الشراكة الاستراتيجية بين الصين وروسيا، مؤكدا أنها شراكة عصية على التأثر بأي ضغوط من أطراف ثالثة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.