أرجع خبراء ثقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الوزير ماركو روبيو، ليكلفه بمجموعة من المناصب الحساسة في إدارته بجانب حقيبة الخارجية، على رأسها مستشار الأمن القومي بدلا من مايك والتز، إلى 3 أسباب.
وأوضحوا في حديث لـ"إرم نيوز"، أن هنالك 3 أسباب لذلك في صدارتها، أنه ابن أسرة مهاجرة، إلى جانب النفوذ المباشر لروبيو في مجلس الشيوخ كسيناتور بارز ومسيطر هناك، وهو ما يبقي المجلس مؤيدًا للسياسات الداخلية والخارجية للرئيس الحمهوري، كذلك تمثيله ولاية فلوريدا التي ينتمي إليها ترامب؛ مما يبقي له تأييدا شعبيا في هذه الولاية المهمة.
وكان ترامب قد أضاف وظيفة مستشار الأمن القومي المؤقت إلى مهام وزير خارجيته روبيو الذي يشغل أيضا منصبي مدير الوكالة الأمريكية للتنمية، وأمين دائرة الأرشيف والسجلات الوطنية بالوكالة، في ما يعد سابقة في التاريخ الحديث للحكومات في الولايات المتحدة، ليصبح نسخة شبيهة لوزير الخارجية الأمريكي الشهير هنري كيسنجر.
ويوضح الخبير في السياسات الأمريكية، الدكتور عاطف عبد الجواد، أنه في سبعينيات القرن الماضي، جمع هنري كيسنجر بين المنصبين، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، في وقت تعرض فيه الأخير لأزمة داخلية أطاحت بولايته.
ويؤكد عبد الجواد في حديث لـ"إرم نيوز"، ضرورة النظر إلى روبيو من 3 زوايا أو أسباب تعمل جميعها لصالح ترامب جاءت بثقة الأخير فيه، الأولى أنه ابن أسرة مهاجرة ويحتاج الرئيس إليه في ظل السعي لتنفيذ سياساته المتشددة مع المهاجرين بصورة غير شرعية.
أما الثانية أن روبيو عضو في مجلس الشيوخ وله وجود قوي فيه، وهو ما يضمن لترامب أن يبقى المجلس مؤيدا للسياسات الداخلية والخارجية، أما الثالثة أنه يمثل فلوريدا التي ينتمي إليها الرئيس الجمهوري؛ مما يبقي له تأييدا شعبيا في هذا الولاية المهمة.
ويشير عبد الجواد إلى أن الزوايا الثلاث توفر لترامب أيضا فرصة زمنية للبحث عن مرشح جديد لشغل المناصب التي يتبوؤها "روبيو" وقد تسمح له أن يكون مسؤولا مستديما كما جرى مع كيسنجر قبل ذلك.
وبين أن علاقة ترامب وروبيو بدأت بتوتر شخصي عندما رشح الأخير نفسه للرئاسة داخل الحزب الجمهوري قبل 9 سنوات منافسا له للترشح على انتخابات 2016، لافتا إلى أن استقرار ترامب على وزير الخارجية، بشغله هذه المناصب تدلل على أمرين، الأول أن الرجلين تغلبا على التوتر القديم الذي شاب علاقتهما ، والثاني أن ترامب كرئيس عين مبعوثا خاصا لمساعدة روبيو في هذه المناصب.
واستدلّ عبد الجواد على ذلك، بالمبعوث ستيف ويتكوف الذي يتولى ملفات الحرب الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى الحرب في غزة؛ ما يوضح أن ترامب يميل إلى تجميع ملفات عديدة في أيدي حفنة صغيرة من مساعديه ويعني أيضا أن روبيو لا يحتكر القرار بمفرده في وظائفه العديدة.
ويقول الباحث في الشؤون الأمريكية راضي الرازي، إن من الواضح أن وظيفة مستشار الأمن القومي تمثل أزمة دائمة واختلافات وصدامات مع ترامب وهذا يتضح من ولايته الأولى حيث شهد 3 تغيرات في هذا المنصب.
وفي الولاية الثانية ومع نهاية أول 100 يوم، يشهد هذا المنصب استهدافا مستمرا؛ ما يوضح أن ترامب لا يجد من يفهمه في هذا الصدد، ولكن الأقرب أنه يريد من يسير بهذا المنصب برأسه وليس بمقتضيات السياسة الأمريكية التي لا تخضع لتغير في الثوابت لعمل هذا المنصب، مهما تبدلت الإدارات سواء ديمقراطية أو جمهورية.
وأضاف الرازي في حديث لـ"إرم نيوز"، أن هذا المنصب يخضع لضغوط من أركان بالدولة العميقة بالولايات المتحدة وسط متغيرات في ظل ما يجري مع روسيا وملفات الصين التي قد تتحول إلى نزاعات عسكرية، وهي أمور كانت تواجه اختلافا من جانب "والتز" مع "ترامب"؛ مما جاء بالإطاحة به، خاصة مع تباينات في التعامل مع الملف النووي الإيراني.
وبحسب الرازي فإن طريقة تعامل ترامب مع خصومه قريبه لذاتها مع العاملين في إدارته ولا يميز بين كيفية التعامل مع هذا المنصب وحساسيته مقارنة بمناصب أخرى، معتمدا على من يقدم الولاء لشخصه وليس العمل في إطار سياسة أو برنامج يراعي ثوابت السياسة الأمريكية الخارجية.
ولفت الرازي إلى أن من أسباب الخلاف ذهاب روبيو في المحادثات مع إيران بهذا الشكل وهو ما يرفضه والتز، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن الاثنين من أهم "الصقور" في إدارة ترامب، إلا أن وزير الخارجية فهم شخصية الأخير وسار معه مثلما يريد من هذا الملف.
وذكر الرازي أن هناك خلافات سابقة مع والتز وترامب استغل قضية تسريبات سيغنال الخاصة بضربات الحوثيين لتكون مقدمة للتخلص منه، في ظل عدم إنجازه لملفات عدة من بينها التخلص من مسؤولين في الاستخبارات يضعهم ترامب في قائمة للتخلص منهم.