في إحدى أخطر موجات العنف التي ضربت شرق الكونغو الديمقراطية، قُتل نحو 60 مدنيًّا في هجوم دموي نفذته جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" (ADF) المرتبطة بتنظيم "داعش"، بينما كانوا يشيّعون جنازة في مقاطعة شمال كيفو، بحسب تأكيدات المسؤول المحلي الكولونيل آلان كيويوا.
وأورد موقع "يورو نيوز"، أن شهادات الناجين كشفت حجم الفظاعة، لكن خلف هذه المذبحة، يبرز سؤال أعمق: لماذا تبقى هذه الجرائم روتينًا دمويًّا في الكونغو؟ الجواب يقود إلى ثروات باطن الأرض؛ فالإقليم الشرقي الغني بالكولتان والكوبالت والذهب، يشكل مسرحًا لصراع معقد بين جماعات مسلّحة، بعضها يحتمي برايات دينية أو عرقية، لكنها في النهاية تتنافس للسيطرة على الموارد التي تغذي الصناعات التكنولوجية العالمية من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية.
وبحسب التقرير فإن جماعة الـADF، التي نشأت في أوغندا في التسعينيات قبل أن تنقل نشاطها إلى الكونغو وتعلن ولاءها لداعش عام 2019، ليست سوى جزء من شبكة عنف أكبر؛ إذ كشفت تقارير أُممية حديثة أن ليس الميليشيات فحسب، بل أيضًا الجيش الكونغولي ومتمردو "M23" المدعومون من رواندا متورطون في انتهاكاتٍ جسيمة.
ويرى الخبراء أنه رغم توقيع اتفاق سلام بوساطة أمريكية بين كينشاسا وكيغالي في يونيو الماضي، فإن المجازر لم تتوقف؛ فقد وثّقت بعثة الأمم المتحدة "مونوسكو" مقتل ما لا يقل عن 52 مدنيًّا خلال أسبوعين فقط في أغسطس، إلى جانب حوادث خطف وحرق ونهب لممتلكات سكان يعيشون أصلًا أوضاعًا إنسانية بالغة القسوة.
ومن جهتها، أكَّدت بعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية أن الهجمات التي نفذتها قوات "التحالف الديمقراطي" لم تقتصر على القتل فحسب، بل ترافقت مع عمليات خطف ونهب وإحراق للمنازل والمركبات والدراجات النارية، إضافة إلى تدمير ممتلكات المدنيين الذين يعانون أصلًا أوضاعًا إنسانية بالغة الهشاشة.
وكشف التقرير الأُممي أن جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا تتحملان المسؤولية عن دعمهما لجماعات مسلحة ذات سجل حافل بالانتهاكات الجسيمة، وفشلهما في الوفاء بالتزاماتهما باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين من الأذى الخطير.
ويعتقد مراقبون أن خلفية العنف الدائر في شرق الكونغو لا تنفصل عن الثروات المعدنية الهائلة التي تزخر بها المنطقة؛ فوسط غياب الدولة وضعف الرقابة، تحولت هذه الثروات إلى وقود دائم للصراعات، حيث تتنافس الجماعات المسلحة على السيطرة عليها، بدعم مباشر أو غير مباشر من قوى إقليمية.