الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

الدعم الصيني والروسي لإيران.. تعزيز القدرات أم إعادة رسم موازين القوة؟

صورة مدمجة.. الأعلام الوطنية لروسيا والصين وإيران

حدد خبراء في العلاقات الدولية مجموعة من الإمدادات والتجهيزات التي تقوم عليها موسكو وبكين لدعم قدرات إيران حتى تكون جاهزة ومؤهلة أمام الحرب المنتظرة عليها والتي تهدد بها إسرائيل ومن ورائها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأكدوا في تصريحات خاصة، لـ"إرم نيوز"، أن من أهم الإمدادات الصينية لطهران مواد أولية ومكونات صاروخية خاصة للوقود الصلب، وشحنات لتصنيع حشوات الوقود الصلب للصواريخ، وإمكانيات لتطوير مجال التقنيات الفضائية لتحسين الاستهداف والرؤية الاستخباراتية، مما يرفع مستوى وقدرات أنظمة الصواريخ والطائرات المسيرة، وقطع غيار ومواد إلكترونية وكيميائية معظمها لأغراض عسكرية.

ومن الجانب الروسي، تظهر أبرز الإمدادات فيما قامت به موسكو بعرضها على شركائها الإيرانيين بناء منظومة دفاع جوي متكاملة تشبه "القبة الحديدية" في طهران بحيث تصد أي هجمات، ضمن أحد مجالات التعاون لبناء نظام دفاع جوي متطور لصد أي هجمات إسرائيلية أو أمريكية في المستقبل.

وتتصاعد أسهم هذه الحرب في ظل إنهاء ملف الحرب في غزة وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة شرم الشيخ خلال الساعات المقبلة، وهو ما يتم تقييمه على تفرغ تل أبيب وواشنطن لتحقيق أهداف القضاء على البرنامج النووي والصاروخي الإيراني.

أخبار ذات علاقة

المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني

الحكومة الإيرانية: نسعى بكل طاقتنا لإبعاد شبح الحرب عن البلاد

علاقات بكين وطهران

ويؤكد الباحث في الشأن الصيني الدكتور محمد بايرام، أن العلاقات بين بكين وطهران شهدت توسعًا لافتًا، حيث تجاوب الغطاء الاقتصادي والتقليدي إلى شراكات أعمق في مجال الاستثمار والتقنيات والتوازن الاستراتيجي.

وأضاف، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن المؤشرات تكشف عن تزايد هذا التقارب، ولا سيما مع الزيارة الأخيرة في مطلع سبتمبر الماضي، التي قام بها الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان إلى الصين وشارك في احتفالات عيد النصر وقمة شنغهاي، مع تلقي وعود بدعم لوجيستي وفني قادر على رفع كفاءة القدرات العسكرية الإيرانية من كل من الصين وروسيا وكوريا الشمالية.

وبين بايرام أن أهم نقص تعاني منه منظومة السلاح الإيرانية هو الوقود الصاروخي وقطع الغيار والبنية التحتية وأنظمة القيادة والسيطرة والمراقبة أيضًا، ورغم أن هذا الدعم لا يترجم بالضرورة إلى نقل منظومات قتالية كاملة، لكنه حمل نقلًا فنيًّا للتكنولوجيا في ظل امتلاك طهران قاعدة فنية لذلك، لكن يلزمها نوع من التحديث حتى تتمكن من تعزيز جاهزيتها وترميم النقص وعمليات الصيانة وتحسين دقة الاستهداف والتنسيق العملياتي، مما يفتح الباب لتغيير طبيعة وحدود أي مواجهة مستقبلية.

اجتماع سابق، روسي صيني بشأن القضية النووية الإيرانية

وأشار بايرام إلى أن إيران طالبت بكين بمواد أولية ومكونات صاروخية خاصة للوقود الصلب، ويجري الآن تنفيذ صفقات وشحنات مكونة من هذه المواد التي يتم من خلالها تصنيع حشوات الوقود الصلب للصواريخ.

وأوضح أنه بالإضافة إلى ذلك هناك دعم آخر في مجال المراقبة، إذ إن  هناك أقمارًا صينية تجسسية تحمل استشعارًا عن بعد تم تقديمها من بكين لطهران لتطوير مجال التقنيات الفضائية، هدفها تحسين الاستهداف والرؤية الاستخباراتية، مما يرفع مستوى وقدرات أنظمة الصواريخ والطائرات المسيرة، ولا سيما مع ما يسمى بأنظمة التجسس أو الإنذار المبكر المتطور لدى إسرائيل.

مقايضة بلا مال

وتابع بايرام أن هناك تبادلًا تدريبيًّا ولوجستيات بحرية تجري بين بكين وطهران، مما يساهم في حماية خطوط الإمداد والملاحة نحو طهران، ونقل تقنيات ثنائية الاستخدام وإمدادات للصناعة من شحنات قطع غيار ومواد إلكترونية وكيميائية لم تتوقف في وصولها إلى إيران، ومعظمها لأغراض عسكرية رغم القيود الدولية القائمة.

وأشار إلى توفر كل هذه الاحتياجات عبر التصدير غير المباشر وشركات وهمية، وفي المقابل تقوم طهران بتأمين النفط بأسعار متدنية مع وجود عشرات آليات المقايضة التي تتم بلا مال، وتستخدم على الأغلب لصالح الاحتياجات الدفاعية.

وأوضح بايرام أن هناك تأثيرات تكتيكية وأخرى استراتيجية في هذا الصدد: التكتيكية تستهدف تزايد معدلات إطلاق الصواريخ والمسيرات بغرض تحسين الدقة والمدى وتعظيم البنية التحتية لتشكيل حماية أكبر للموانئ لإطالة التزويد بشكل يقوّي قدرة إيران أمام شن أي هجوم، أما استراتيجيًّا فتتمثل في الدعم الخارجي الذي من الممكن أن يمنح طهران قدرة أكبر في عدم الاستسلام المبكر وإطالة أمد الصراع.

تعاون طهران وموسكو

وبدوره، يقول مدير مركز "جي إس إم" للدراسات الدكتور آصف ملحم، إنه فيما يتعلق بالتعاون العسكري بين طهران وموسكو هناك الكثير من المجالات التي يمكن التعاون فيها بين الدولتين، مؤكّدًا أن روسيا قد تستفيد من بعض أنواع الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تُصنع بأسعار رخيصة.

وأضاف ملحم أن تكنولوجيا المسيرات التي استعارتها روسيا من إيران طُورت بشكل كبير لدى الروس، ولذلك قد تكون المسيرات التي صنعتها روسيا والنماذج الجديدة التي اخترعتها مفيدة لإيران.

وأوضح أن روسيا اعتمدت في البداية على التكنولوجيا الإيرانية، وقام مهندسون متخصصون روس بتطوير نماذج كثيرة جدًّا، فظهرت نماذج عديدة في موسكو من المسيرات غير موجودة في دول كثيرة حول العالم، ومن ثم قد تستفيد منها طهران.

أعلام إيران وروسيا والصين

ضعف كبير

وبين ملحم أنه أثناء حرب 12 يومًا لوحظ ضعف كبير في أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، وعلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه على هذه النقطة، مشيرًا إلى أن روسيا عرضت على شركائها الإيرانيين بناء منظومة دفاع جوي متكاملة تشبه "القبة الحديدية" في إيران بحيث تصد أي هجمات، ضمن أحد مجالات التعاون لبناء نظام دفاع جوي متطور في طهران لصد أي هجمات إسرائيلية أو أمريكية في المستقبل.

واستكمل أن موسكو متطورة أيضًا في أنظمة الحرب الإلكترونية والتشويش، والتي تساعد كثيرًا أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية عبر الاعتماد على التدمير الفيزيائي المباشر للصاروخ القادم باعتراضه وتحييده، وهذا من الناحية الفنية أرخص بكثير من تدمير الصاروخ عبر وسائط مضادة.

وأوضح أنه بالتالي فإن أنظمة الحرب الإلكترونية والرادارات والقدرة على الكشف المبكر للأهداف المعادية مجال تتميّز فيه روسيا بشكل كبير، ولذا تستطيع أن تقدم الكثير من التقنيات لإيران في هذا المجال.

أخبار ذات علاقة

اجتماع سابق بين الزعيمين الروسي والصيني

التنين الصيني والدب الروسي.. "تحالف الضرورة"؟

سباق تسلح وعسكرة واسعة

وبخصوص المجال الجوي، شدد ملحم على أن طهران تعاني من ضعف في الطيران لدى القوات الجوية، وموسكو قد تقدم لها طائرات متطورة جدًّا مثل مقاتلات من فئة "سو-57"، وهي مكافئة لـ"F-35"، وهو ما يمنح طهران نوعًا من التفوق التكتيكي أو القدرة على المواجهة مع إسرائيل، ومع ذلك أكد أن العمل العسكري يجب فهمه دائمًا في سياق سياسي أوسع.

وشدّد على أنه لا يمكن لروسيا تقديم أسلحة لإيران تهدد أو تشكل تهديدًا استراتيجيًّا لإسرائيل بمعناها المباشر، بل إن السلاح الذي سيُقدّم سيكون في إطار الدفاع عن النفس ومنع تل أبيب من التفوق على طهران.

وأضاف أن هذه المعادلة تحكمها اعتبارات الطرف الأمريكي، في ظل امتلاك إسرائيل سلاحًا نوويًّا، لكنها لن تستخدمه في أي وقت على الإطلاق، وطبيعة السلاح المقدم لإيران تخضع لقرارات سياسية واستراتيجية ليست الاتفاقيات المشتركة بين الدولتين.

وأوضح أن تقديم سلاح لطهران قد يشكل خطرًا استراتيجيًّا على إسرائيل وعلى الدول العربية، وقد يدفع الولايات المتحدة إلى الانخراط المباشر وتزويد تل أبيب بأسلحة أكثر تطورًا، ما قد يؤدي إلى سباق تسلح وعسكرة واسعة في المنطقة، وهو سيناريو لا تريده كل من روسيا والولايات المتحدة.

واختتم ملحم بالتأكيد على أن المسألة ستبقى ضمن سياق الدفاع عن النفس، وعدم تمكين إسرائيل من القدرة على تدمير إيران أو إسقاط نظام الحكم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC