تشن إسرائيل حرباً نفسية على إيران، في الملف المتعلق بالجبهة الداخلية، بهدف الوصول لانتفاضة شعبية تسقط النظام الذي وصفته بالمترنح، والذي انتشرت قواته بكل أنواعها في الشوارع تزامناً مع تشييع جنازة جماهيرية للقيادات والعلماء الذين أسقطتهم القوات الجوية والموساد خلال الحرب، وفق إشارة عدة وسائل إعلام عبرية.
وتحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن حالة رعب يعيشها النظام الإيرانى ضد من سمَّتهم المعارضة، وتزعم أنه أُعتقل منهم أكثر من 1000 بحجة التعامل مع إسرائيل، وأنهم عملاء للموساد.
ووفق التقرير العبري، بعد 4 أيام من دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، وفي ظل الجنازات الحاشدة التي أقامتها إيران اليوم السبت، لمسؤوليها القتلى، لا تزال المعارضة في البلاد مستهدفة من قبل النظام الذي يُظهر قوة هائلة لإحباط أي مقاومة قد تندلع.
وصرح هادي غامي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران الذي يعمل ضد هذه الانتهاكات، ويدعو المجتمع الدولي إلى التحرك، بأن سلطات إيران تلاحق أي تهديد مُحتمل في البلاد بقوة قاتلة"، وفق ما نقلت الصحيفة العبرية.
وأشار غامي إلى انتشار حواجز الطرق في أنحاء طهران، كما تجوب دوريات الشرطة العسكرية المسلحة الشوارع، وذكرت منظمة العفو الدولية، أن "المئات يُعتقلون يوميًا".
وأعربت منظمته عن قلقها البالغ إزاء المحاكمات المتسرعة لبعض المعتقلين، واصفةً سلوك إيران بأنه "محاولة مضللة لبسط النفوذ".
وشاركت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في وصف المشهد الفوضوي في إيران ، بإفادتها أن "سيارات وهواتف وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بعناصر المعارضة الملاحقين تخضع للتفتيش، وأعلنت الحكومة إعدام 6 رجال على الأقل.
ووفق الروايات الإسرائيلية والأمريكية، تخشى إيران من اندلاع انتفاضة شعبية، وفي ظل موجة الاعتقالات الواسعة، زعم مسؤولون في طهران أن "الموساد يتلقى مساعدة من مشغلين على الأراضي الإيرانية".
وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن الدليل على ذلك هو اكتشاف مراكز تجميع صواريخ وطائرات مسيّرة إسرائيلية داخل إيران استخدمتها إسرائيل خلال الهجمات.
من جانبه، كشف محمد علي شعباني، المحلل الإيراني الذي يدير موقعًا إخباريًا إقليميًا، أن "90% من عملاء الموساد داخل إيران هم من الإيرانيين. مضيفاً ، السؤال المهم هو: من هم؟
وعن خطورة الوضع، قالت نرجس محمدي، الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، إن "وضع الشعب الإيراني يتعقد، اليوم، أكثر مما كان قبل الحرب.
ومحمدي، هي إحدى أبرز المعارضات في البلاد، والتي سُجنت، سابقًا، وتعرضت للضرب المبرح في سجن إيفين الذي قصفته إسرائيل.
وتضيف أن "النظام الإيراني سيبذل كل ما في وسعه لتعزيز سلطته، وسيتخذ إجراءات صارمة خلال الأيام المقبلة ترقباً للمواجهة المقبلة معهم ومع إسرائيل" وفق تعبيرها.
وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإنه بالتوازي مع قمع المعارضة تحت عنوان التعامل مع الموساد، كثّف النظام الإيراني جهوده لتطبيق قواعد الملبس الصارمة التي يفرضها على مواطنيه.
ويطلق الإعلام العبري على الأجواء السائدة في إيران خلال هذه الأيام عنوان "جنون العظمة"، بعد أن ثبت مجددًا عمق تغلغل الموساد في إيران، مع عمليات استثنائية للاغتيالات وعملياتٍ لقوات الكوماندوز الموثقة في العمق الإيراني.
وبينما يحاول المواطنون العودة إلى حياتهم الطبيعية، يُعلن النظام، يوميًا، عن اعتقالاتٍ جماعيةٍ لـمن يصفهم بـ"العملاء"، ويطالب الإيرانيين بالإبلاغ عن "أي محادثةٍ مشبوهة"، وينشر أدلةً لكشف الجواسيس.
ووصل الأمر وفق الترويجات الإسرائيلية مع اشتعال الحرب النفسية يين تل أبيب وطهران ، إلى مطالبة الإيرانيين بمراقبة جيرانهم ومعرفة ما إذا كانوا يدخلون ويخرجون من منازلهم في أوقات غير مألوفة؛ والانتباه للأشخاص الذين يرتدون أقنعة وقبعات ونظارات شمسية، وملاحظة علامات، مثل "أصوات المعادن" داخل منازلهم.
وزُعم أن الجواسيس "قد يعيشون في منازل ذات ستائر مغلقة حتى في النهار، بخلاف رصد أصوات المسيرات في مناطق ما.
وأشارت الصحيفة العبرية لتعليق البروفيسورة الإيرانية نرجس باغوغلي حول الأوضاع الداخلية بأنها أحد أخطر الخروقات الأمنية في تاريخ النظام، و"أثبت مجددًا أنه لم يُبنَ من أجل الشعبية، بل من أجل البقاء، وأنه قادر على تحمل الصدمات" وفق قولها.
وأوضحت المعارضة الإيرانية: "لم ينهر النظام، بل يتكيف، وينضم إليه جنود أصغر سنًا من الحرس الثوري وقواته. كثير منهم أكثر صلابة من الذين قُتلوا".
وفي اليوم التالي لوقف إطلاق النار، بدأ النظام بترسيخ حكمه في إيران، موجهًا موارد متزايدة لقمع أي بادرة انتفاضة أو عصيان مدني، وفق تقرير الصحيفة.
وأكد مسؤولون ونشطاء إيرانيون أن نظام طهران يفعل ذلك من خلال الاعتقالات الجماعية، والإعدامات، ونشر قوات الأمن في الشوارع، خاصة في المناطق الكردية النائية، التي يعتبرها النظام عرضة للكوارث.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أفادت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أنها وثّقت اعتقال 705 أشخاص لأسباب سياسية أو أمنية مزعومة خلال الهجمات الإسرائيلية على إيران.
ووفق إفادتها، فالعديد من المعتقلين اتُهموا بالتجسس لصالح إسرائيل. وفي يوم الأربعاء الماضي، أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بإعدام 3 من المعتقلين في مدينة أرومية، قرب الحدود التركية.