قال مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية إن الدبلوماسية في ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية تشهد "خرقاً" كبيراً، وسط "فوضى عارمة" في سفارات الولايات المتحدة حول العالم، مع مزاعم بوجود تجسس إلكتروني على الدبلوماسيين.
ووفق تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، فإن أكثر من 60 سفارة أمريكية ليس لديها مرشح حتى الآن، كما أن الدبلوماسيين المعينين حديثاً يخضعون للتقييم على أساس "الإخلاص".
وبينما كان ترامب وعد بإصلاح الدبلوماسية الأمريكية، إلا أن مصادر مطلعة تقول إنه يُخالفها، لدرجة أنه يُقوّض نفوذه العالمي، كما أنه بعد 8 أشهر من ولايته الثانية، أصبح مكان أكثر من نصف السفراء الأمريكيين شاغراً، وهو عدد مرتفع بشكل غير معتاد.
وتُشغل معظم المناصب العليا في وزارة الخارجية بالوكالة، وغالباً ما يكون ذلك بأشخاص ذوي خبرة محدودة في هذا المجال، إذ يُستبعد العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين، خاصة في الخارج، من محادثات السياسة الخارجية، بينما يُكافحون لتطبيق أوامر الإدارة التي يصفونها بأنها مربكة، وفق التقرير.
وذكرت "بوليتيكو" أن كثيراً من الدبلوماسيين باتوا يخشون التحدث علناً، خوفاً من فصلهم أو فقدان ترقيتهم بموجب قواعد جديدة تُقيّم "إخلاصهم"، خصوصاً أنهم قد شهدوا بالفعل طرد الآلاف من زملائهم وتفكيك العديد من المكاتب.
لا يزال التأثير العام للتغييرات غير واضح، لكن العديد من الدبلوماسيين قالوا إنهم يشعرون بـ "العجز والاستسلام للظروف"، كما أن هناك شعوراً بأنه إذا لم يرغب الاستماع إلى "النصائح" من الموالين لترامب، فإنهم سيواجهون "تداعيات قانونية ولوجستية".
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤولين ودبلوماسيين أن إدارة ترامب تُعيد تشكيل السلك الدبلوماسي ليصبح "قوة أصغر وأضعف في العلاقات الدولية"، وبذلك يكونوا "مجرّد مُنفذين بدلاً من مُبتكرين لأفكار السياسات". وقالوا إن هذا على الرغم من خطط وزير الخارجية، ماركو روبيو، المُعلنة لجعل وزارته "أكثر مركزية" في صنع السياسة الخارجية.
وقالت الصحيفة إن لدى الدبلوماسيين الأمريكيين "مشاعر متضاربة بشأن أولويات السياسة الخارجية"، على الرغم من أن كثيرين منهم يخشون من أن الإدارة تعمل على "تنفير حلفاء الولايات المتحدة بتكتيكاتها".
كما أشارت إلى أن هناك شعوراً عاماً بالخوف في العديد من المناصب، إذ يتمحور جزء كبير منه حول قدرة الدبلوماسيين على التواصل والتعبير عن آرائهم المعارضة، حتى في الخلافات السياسية الأساسية.
وقال رونالد نيومان، السفير الأمريكي السابق في أفغانستان: "إن الولاء للقرارات كان دائماً متطلباً أساسياً للخدمة الخارجية، ولكن إذا تم قمع التحدث بصراحة داخلياً، فإن الإدارة ستتعثر بشكل أعمى في مخاطر يمكن تجنبها".
وفي مذكرة صادرة في أغسطس/آب لأعضائها، سلّطت جمعية الخدمة الخارجية الأمريكية، الضوء على تلك المخاوف بشكلٍ صريح. وجاء في المذكرة، التي سبق أن نشرتها شبكة "إن بي سي نيوز"، أن الجمعية أُبلغت بحالات "يُقلّص فيها عدد موظفي الخدمة الخارجية من مهامهم بعد تقديم تحليلات غير إيجابية أو توصيات غير مرحب بها للقيادة".
في إحدى السفارات، أمر كبار المسؤولين الموظفين العاديين بمناقشة "أي أمر حساس ولو كان بسيطاً وجهاً لوجه"، وفقاً لأحد الدبلوماسيين الذي أكد أن ذلك يأتي وسط أحاديث بين الموظفين حول احتمال قيام وزارة الخارجية بتثبيت برنامج "تجسس إلكتروني لمراقبة الاتصالات الإلكترونية لموظفي السفارة".
ولطالما اعتمدت الوزارة "قناة للمعارضة"، حيث كان بإمكان الدبلوماسيين إرسال مذكرة، عادة ما تكون سرية، إلى وزير الخارجية، للتعبير عن اختلافاتهم مع القرارات السياسية.
لكن ليس من الواضح مدى فعالية هذه القناة حالياً، إذ قال العديد من الدبلوماسيين إنهم لن يشعروا بالارتياح لاستخدامها، مع أن من يفعل ذلك يُفترض أن يتمتع بحماية قانونية من الإجراءات الانتقامية.