logo
العالم

كاليدونيا الجديدة.. هل يخسر مانويل فالس رهانه مع "اتفاق بوجيفال"؟

كاليدونيا الجديدة.. هل يخسر مانويل فالس رهانه مع "اتفاق بوجيفال"؟
حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزراءه اجتماعًا مع ...المصدر: (أ ف ب)
21 أغسطس 2025، 3:02 م

قال خبراء سياسيون فرنسيون إن زيارة وزير ما وراء البحار مانويل فالس إلى كاليدونيا الجديدة، تأتي لمحاولة لإنقاذ ما يعرف بـ"اتفاق بوجيفال"، قد تكون بمثابة رحلة الفرصة الأخيرة، في ظل رفض صريح من قبل الحركة الاستقلالية الكاناكية (FLNKS) لما اعتبرته "إعادة إنتاج لشكل جديد من الاستعمار".

ومنذ يوم الثلاثاء، يتواجد مانويل فالس، ولمدة 4 أيام، في كاليدونيا الجديدة لمحاولة إنقاذ "اتفاق بوجيفال"، إذ يضاعف الوزير المكلّف بما وراء البحار اللقاءات، لكن المحادثات مع جبهة التحرير الوطني الكاناكية والاشتراكية (FLNKS) تبدو متوقفة.

وقال ماتياس شوشا، أستاذ القانون العام بجامعة كاليدونيا الجديدة، في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن فالس "يحاول تسويق نص لم يكن في الأصل اتفاقًا متوافقًا عليه، بل مجرد مشروع عالق لم يحسم الخلافات الجوهرية.

ما هو "اتفاق بوجيفال"؟

تم التوصل إلى نص الاتفاق، في 12 يوليو الماضي، بمدينة بوجيفال (إيفلين)، بعد أيام من المفاوضات بين ممثلي الدولة الفرنسية، والموالين لفرنسا (اللويايست)، وحركة الاستقلال الكاناكية. وينص على إنشاء دولة كاليدونيا جديدة ذات "جنسية خاصة"، مع بقائها داخل الدستور الفرنسي وحصولها على بعض الصلاحيات السيادية.

لكن هذا المشروع، الذي وصفه كل من فالس والرئيس إيمانويل ماكرون بأنه "فرصة تاريخية"، واجه رفضًا مباشرًا من قبل FLNKS، خاصة فيما يتعلق بحق تقرير المصير والاعتراف بالشعب الكاناكي ككيان أصيل، وهو ما أثار انقسامًا بين القوى السياسية في الأرخبيل.

لماذا يعرقل الاستقلاليون الاتفاق؟

في بيان صدر عقب لقائهم بفالس يوم 20 أغسطس، قالت الحركة الاستقلالية: "لا يمكن القبول بنص يعيد إنتاج الاستعمار في ثوب جديد"، والاعتراض الأساس يتركز حول ما يسمّى بـ"تجميد الهيئة الناخبة"، حيث ينص الاتفاق على فتح قوائم الناخبين المحليين أمام المقيمين منذ 10 سنوات بحلول انتخابات 2031. هذه النقطة أشعلت احتجاجات عنيفة في مايو 2024 أسفرت عن 14 قتيلاً، وخسائر بأكثر من ملياري يورو.

ويحذّر البروفيسور شوشا من أن "محاولة تغيير الهيئة الناخبة تعد لدى الكاناك نوعًا من إعادة الاستعمار"، مضيفًا: "لدينا في الواقع وضع حكم ذاتي، يحضر قانونيًا لشطب كاليدونيا الجديدة من قائمة الأمم المتحدة للأقاليم التي يجب إنهاء استعمارها.

وتابع "نقول للكاناك إنهم سيصبحون مجرد أقلية مثل الماوريين في نيوزيلندا أو السكان الأصليين في أستراليا، بينما الأرض لم تعد لهم، وهذا أمر غير مقبول".

سيناريوهات المستقبل

ويحاول مانويل فالس، منذ وصوله إلى الأرخبيل، عقد لقاءات مع مختلف الأطراف لإعادة إحياء الحوار، لكن شوشا يرى أن "فرص نجاح اتفاق بوجيفال شبه معدومة، لأن الأخطاء نفسها تعاد إنتاجها".

النص يتضمن أيضًا تأجيلًا جديدًا للانتخابات المحلية حتى منتصف 2026، وهو ما يعتبره الاستقلاليون "خطًا أحمر". ويقول الخبير رينولت: "التأجيل المتكرر للانتخابات يفاقم الشعور بالاستبعاد، خاصة بين الشباب الكاناكي الذي قد يتجه نحو الراديكالية، لا سيما مع ملف حساس مثل استغلال النيكل".

في المقابل، يحذّر فالس من أن "غياب الاتفاق والاستقرار السياسي سيؤدي إلى انسحاب المستثمرين من قطاع النيكل، واستمرار أزمة نقص الكوادر الصحية، وتعميق الفجوات الاجتماعية".

أزمة تتجاوز الأرخبيل

من جانبه، قال المؤرخ الفرنسي جان-مارك رينولت، المتخصص في قضايا ما وراء البحار، لـ"إرم نيوز" إن الأزمة الراهنة "تكشف عن إخفاق الدولة الفرنسية في إيجاد صيغة متوازنة بين ضمان وحدة الجمهورية، واحترام حق تقرير المصير للشعب الكاناكي".

ورأى أن ما يحدث في كاليدونيا الجديدة ليس مجرد خلاف محلي، بل هو جزء من معضلة فرنسية أوسع في إدارة قضايا ما وراء البحار. ويؤكد المؤرخ جان-مارك رينولت أن "الإصرار على فرض حلول فوقية من باريس يفاقم فقدان الثقة، بينما المطلوب شراكة حقيقية تعترف بالخصوصية الثقافية والتاريخية للشعوب الأصلية".

أخبار ذات علاقة

تجمع حول تمثال يمثل اتفاقية السلام في كاليدونيا

كاليدونيا الجديدة.. باريس تراهن على المعتدلين لإنقاذ "اتفاقية المستقبل"

 واعتبر رينولت أن "الطريق الوحيد لتجنب الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة يكمن في التوصل إلى اتفاق سياسي جديد يحدد بوضوح موعدًا للاستقلال الكامل قبل 2027"، وإلا فإن الأرخبيل سيظل في حالة توتر دائم مع خطر تصاعد الراديكالية، والانقسام في الهوية.

وأشار إلى أن زيارة فالس تبدو وكأنها محاولة أخيرة لإنقاذ مشروع يتداعى، لكن مع الرفض الاستقلالي الواسع، والانقسامات العميقة، وتحذيرات الخبراء، فإن رهان "اتفاق بوجيفال" قد يكون خاسرًا منذ البداية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC