مع تجدد الاشتباكات على طول الحدود المتنازع عليها بين كمبوديا وتايلاند، يعود الحديث مجددًا حول الفوارق العسكرية بين البلدين في ظل تصاعد القصف وعمليات الفرار الجماعي للسكان، رغم الهدنة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أشهر.
فبينما لجأت تايلاند إلى شن غارات جوية جديدة متهمة كمبوديا بخرق وقف إطلاق النار، تستمر بنوم بنه في التعبير عن قلقها من تداعيات التصعيد على أمنها الداخلي.
تفوق عسكري تايلاندي قائم على حجم وميزانية أكبر
تشير أحدث تقييمات القدرات العسكرية إلى فجوة واضحة في موازين القوة بين البلدين، بحسب مجلة "نيوزويك".
ووفقًا لتصنيف "غلوبال فاير باور" لعام 2025، تحتل القوات التايلاندية المرتبة 25 عالميًا والثالثة داخل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، بينما تأتي كمبوديا في المرتبة 95 عالميًا والثامنة ضمن الآسيان.
تضم القوات المسلحة التايلاندية 585,850 فردًا مقابل 231,000 في كمبوديا، كما تتفوق بانكوك في الإنفاق العسكري بميزانية تبلغ 5.89 مليار دولار، أي أكثر من سبعة أضعاف ميزانية بنوم بنه البالغة 860 مليون دولار.
وفي مجال المعدات، تمتلك تايلاند 493 طائرة عسكرية تشمل مقاتلات "إف-16" و"غريبن"، إلى جانب ترسانة كبيرة من المركبات القتالية ومنصات الصواريخ (463 منصة).
في المقابل، لا تمتلك كمبوديا سوى 25 طائرة و26 منصة صواريخ، رغم امتلاكها عددًا أكبر بفارق بسيط في الدبابات (644 مقابل 635 لدى تايلاند).
مساعدات صينية مقابل معدات متقادمة
تستفيد كمبوديا من دعم عسكري صيني ساعد في تحديث بعض القدرات، إلا أن معظم معداتها لا تزال تعود إلى الحقبة السوفيتية وتعتمد بشكل رئيس على قوات المشاة. كما تفتقر لقدرات جوية قتالية حديثة وقوة بحرية تتعدى زوارق الدوريات الساحلية.
أما تايلاند، فرغم امتلاكها قدرات متقدمة نسبيًا، إلا أن مشكلات تأخر التحديث وتقادم بعض الآليات تبقى قائمة، وفقًا لموقع "تصنيفات القوة العسكرية".
ويرجح محللون أمنيون أن تعتمد تايلاند خلال التصعيد الحالي أسلوب الضربات الجوية الدقيقة ضد أهداف كمبودية، بينما تعتمد بنوم بنه على قواتها البرية والمدفعية في الرد، في ظل عدم تكافؤ القوة الجوية.
في السياق، قال الخبير الأمني في جنوب شرق آسيا لدى شركة الأمن الدولية SOS، أنوجيا شيترانش، لمجلة "نيوزويك": "بشكل عام، إذا طال أمد هذا الصراع، فإن الجيش التايلاندي أكثر تطورًا وتمويلًا من الجيش الكمبودي".
وأضاف: "نتوقع أن تشن تايلاند المزيد من الغارات الجوية الدقيقة على أهداف عسكرية كمبودية، بينما ستعتمد كمبوديا على قواتها البرية ومدفعيتها".
بدورها، ذكرت صحيفة "ذا نيشن" التايلاندية أن تايلاند تمتلك جيشًا "أكثر اتساعًا وتقدمًا من الناحية التكنولوجية"، لكنها أشارت إلى أن امتلاك كمبوديا عددًا كبيرًا من قاذفات الصواريخ يعكس تركيزها على القوة النارية الأرضية.
مخاطر إنسانية وتدخلات سياسية غير حاسمة
ورغم عدم الحديث بعد عن حرب شاملة، فقد فر عشرات الآلاف من سكان المناطق الحدودية من منازلهم وسط مخاوف من امتداد القتال داخل العمق المدني.
وأعلنت كمبوديا مقتل 7 مدنيين وإصابة 20 آخرين، بينما أكدت تايلاند سقوط 3 جنود على الأقل من صفوفها.
وأوضح شيترانش أن الأعمال القتالية ستركز على المناطق المتنازع عليها تحديدًا في مقاطعات أوبون راتشاثاني وسيسكيت وسا كايو في تايلاند، وبرياه فيهيار وأودار مينتشي وبانتي مينتشي في كمبوديا، محذرًا من "تأثير محيطي شديد" نتيجة وجود قرى متداخلة على جانبي الحدود.
أما البيت الأبيض، فأكد في بيان لمجلة "نيوزويك" أن ترامب "ملتزم بوقف العنف" ويتوقع من الطرفين الحفاظ على الهدنة التي تم التوصل إليها.