على الرغم من تسريع النظام الإيراني برنامجه لتخصيب اليورانيوم، فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية تختلف حول مدى خطورة هذا التهديد، بحسب تقرير لصحيفة التايمز البريطانية.
ويشكل مدى قرب إيران من بناء قنبلة نووية فعلية محورًا لإحدى القضايا الرئيسة التي يدور حولها النقاش بشأن مهاجمة إيران، في تل أبيب وواشنطن وغيرهما.
وتبنّت معظم أجهزة الاستخبارات الغربية، لأكثر من عقد من الزمان، موقفين متناقضين بشأن البرنامج النووي الإيراني، أولهما يتمثل في أن إيران، نتيجةً للاتفاق النووي مع القوى الأوروبية عام 2003، أوقفت رسميًا برنامجها النووي، ولم تُحاول منذ ذلك الحين بناء سلاح نووي فعلي.
أما ثانيهما فيذهب إلى أن طهران واصلت العمل على تخصيب اليورانيوم وغيره من المكونات المحتملة لبرنامج الأسلحة النووية، وفي بعض الأحيان تعمدت تضليل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجهة المعترف بها دوليًا لمراقبة الأسلحة النووية.
وأضافت الصحيفة أن الموقف الثاني أدى، على مر السنين، إلى ظهور تقارير منتظمة، نتيجةً لبعض التقدم الجديد المكشوف في البرنامج، تُفيد بأن إيران على بُعد "أشهر" من بناء قنبلة نووية، حيث يشير ذلك إلى تقييم للمدة التي قد تستغرقها إيران للنجاح، إذا قررت بالفعل بناء قنبلة.
ورغم أن الوضع لم يتغير كثيرًا في السنوات الأخيرة، على الأقل منذ أن بدأت إيران في تركيب أجهزة الطرد المركزي عالية السرعة، وهي الأجهزة التي تُخصب اليورانيوم، عام 2013، فإن هذه التقارير عادت للظهور في العام الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على ما يبدو، يتبنى وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تقول إن إيران قريبة جدًا من صناعة سلاح نووي، متجاهلا تقييم مديرة استخباراته الوطنية تولسي غابارد.
وأوضحت أن غابارد قالت في تقييمها إنه "لا يزال مجتمع الاستخبارات يُقيّم أن إيران لا تُصنّع سلاحًا نوويًا، وأن المرشد الأعلى علي خامنئي لم يُصرّح ببرنامج الأسلحة النووية الذي علقه عام 2003".
ومع ذلك فإنه خلال السنوات الخمس الماضية، تغيّرت طبيعة التقدم النووي الإيراني في جوانب رئيسة، أهمها أنها قامت بتخصيب اليورانيوم بكميات كبيرة إلى درجة نقاء أعلى بكثير من أي وقت مضى، وخاصة قبل الاتفاق النووي في عهد أوباما عام 2015.
وكانت نسبة التخصيب في السابق 20%، وهي النسبة المطلوبة لبعض الاستخدامات الطبية، وكجزء من الاتفاق، يُسمح لإيران بمواصلة التخصيب إلى نسبة 3.67%، ولكن ليس أكثر، مع تزويدها باليورانيوم المخصب للاستخدامات الطبية من الخارج.
واعتبارًا من 2020، أي بعد عامين من خروج ترامب من الاتفاق النووي، بدأ النظام الإيراني في تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60%، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة اللازمة لأي استخدام سلمي.
وحتى مايو/أيار من 2025، كانت إيران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لإنتاج 233 كيلوغرامًا من اليورانيوم الصالح للاستخدام في الأسلحة، وهو ما يكفي لصنع تسعة أسلحة نووية وزن كل منها 25 كيلوغرامًا، وفقًا لتحليل أجراه معهد العلوم والأمن الدولي لتقييمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسيستغرق إتمام هذه الكمية الإضافية من التخصيب حوالي ثلاثة أسابيع.
وأضاف المعهد أنه "من خلال تشغيل كل من فوردو ومصنع تخصيب الوقود في نطنز، يمكن للمنشأتين معًا إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة النووية لإنتاج 11 سلاحًا نوويًا في الشهر الأول، وما يكفي لإنتاج 15 سلاحًا نوويًا بحلول نهاية الشهر الثاني، و19 سلاحًا بحلول نهاية الشهر الثالث، و21 سلاحًا بحلول نهاية الشهر الرابع، و22 سلاحًا بحلول نهاية الشهر الخامس".
وخلُصت الصحيفة إلى أن لا أحد يشك في أن إيران تُطور القدرة التقنية على صنع قنبلة، بل قد يشك فقط في ما إذا كان القرار قد اتُخذ بالمضي قدمًا؛ وكيف سيبدو هذا القرار.
وفي حين تخشى إسرائيل أنه بمجرد أن يتضح الجواب على ذلك، سيكون الأوان قد فات للتحرك، يبدو أن ترامب، الذي يعتمد على تقييمات إسرائيل أكثر من تقييمات مسؤوليه، يُوافق على ذلك.