logo
العالم

القوات الألمانية بين الماضي والحاضر.. مَن يثق بجيش لم يُختبر منذ هتلر؟

القوات الألمانية بين الماضي والحاضر.. مَن يثق بجيش لم يُختبر منذ هتلر؟
الجيش الألمانيالمصدر: الإنترنت
28 أغسطس 2025، 12:04 م

في معسكرات التدريب الممتدة من ليتوانيا إلى سواحل بحر البلطيق، تصطف دبابات ألمانية حديثة إلى جانب قوات حلف "الناتو"، كتأكيد عملي لتحوّل جذري في السياسة الألمانية، بعد إعلان المستشار السابق أولاف شولتس في 2022 عن "الزيتنفينده"، نقطة التحوّل التي أنهت عقودًا من الإرث pacifist الذي حكم ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

لكن وسط هذه العروض العسكرية والتصريحات الواثقة، يظلُّ السؤال الأعمق معلقًا: "هل ستتمكن برلين من ترجمة ملياراتها إلى قوة حقيقية قبل أن يسبقها الزمن وتستيقظ أوروبا على تهديد روسي مبكر؟".

بحسب "تشتام هاوس"، فإنه ومنذ خطاب شولتس الشهير عام 2022، تضاعفت الميزانية الدفاعية بشكل غير مسبوق، مع خطط لرفع الإنفاق إلى أكثر من 108 مليارات يورو بحلول 2026، وشملت الإصلاحات أيضًا محاولة تسريع منظومة المشتريات العسكرية التي عُرفت طويلًا ببطئها وتعقيدها. 

ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر ليس حجم الأموال بل كيفية إنفاقها في وقتٍ قصير، وسط توقُّعاتٍ استخباراتية أوروبية بأن روسيا قد تعاود اختبار دفاعات الناتو في غضون خمس سنوات فقط.

أخبار ذات علاقة

مسيرة ألمانية من طراز "يورو هوك"

الجيش الألماني يستعد لتطوير مسيرات قتالية بعيدة المدى

هذا السباق مع الزمن يكشف جانبًا قلَّما جرى التطرق إليه في الإعلام، "المعضلة ليست عسكريةً فحسب، بل وجودية بالنسبة لبرلين؛ فجيش بوندسفير الذي وُصف مرارًا بـ"العملاق البيروقراطي" يحتاج إلى أكثر من الأموال لتجاوز مشكلات مزمنة، من الأعطال المتكررة في المركبات القتالية "بوما"، إلى فضائح تعطل المقاتلات "يوروفايتر" لنقص قطع الغيار.

وفي الوقت الذي تسعى فيه ألمانيا للمشاركة في مشاريع أوروبية مشتركة مثل "الدرع الجوي الأوروبي"، فإن بطء جداول التسليم (2035 مثلًا لبعض الأنظمة) يبدو وكأنه يتناقض مع خطورة المرحلة.

أخبار ذات علاقة

جنود ألمان

حتى مطلع 2026.. تمديد مهمة الجيش الألماني في العراق

الشارع الألماني، بدوره، يعيش مفارقة قاسية؛ فقد تحولت النظرة إلى الجيش من عبء تاريخي إلى ضرورة وطنية، لكن العقبات لا تزال قائمة، ومعدلات التجنيد لم تشهد القفزة المطلوبة.

كما تتصاعد أصوات اليمين الشعبوي –خصوصًا "البديل من أجل ألمانيا"– المشكك في جدوى دعم أوكرانيا والمستعد لتبني روايات موسكو؛ وهو ما يهدد بتقويض التحوّل الذي حاول شولتس رسمه منذ "الزيتنفينده".

أمام هذه اللوحة، بحسب التقرير، يبدو أن ألمانيا لا تواجه فقط اختبار القوة، بل اختبار الزمن أيضًا؛ فإذا نجحت في تسريع وتيرة الإصلاح وبناء منظومة دفاعية أكثر مرونة وفعالية، فقد تتحول إلى ركيزة أمنية أوروبية حقيقية في ظل تراجع الالتزام الأمريكي، أما إذا استسلمت لبيروقراطيتها القديمة وصراعاتها السياسية الداخلية، فإن برلين قد تجد نفسها في قلب العاصفة غير مستعدة، بينما موسكو تتحرك بخطوات أسرع.

هكذا، تصبح "الزيتنفينده" ليست مجرد مصطلح سياسي، بل عنوان لسباق مصيري بين دولة تحاول طي صفحة ماضيها، وواقع إستراتيجي يضغط عليها بقوة كي تتجاوز تاريخها قبل فوات الأوان.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC