قال موقع "تشاينا يو إس فوكَس" الأمريكي إن إعلان الرئيس دونالد ترامب في "يوم التحرير" فرض تعريفات جمركية جديدة شاملة على الواردات من أكثر من 180 دولة سيُذكر باعتباره كارثة اقتصادية من صنع الإنسان.
ونظرًا إلى مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دولة تجارية، فإن رد الصين كان ذا أهمية بالغة. فبينما فرض ترامب تعريفات جمركية جديدة على جميع الدول تقريبًا، من الواضح أن بكين هي هدفه الرئيس.
تعزيز النمو الاقتصادي
وفي حين تختلف آراء الخبراء الصينيين حول كيفية الرد على رسوم ترامب الجمركية، يعتقد كثيرون أن تقديم التنازلات لن يؤدي إلا إلى مزيد من العدوان الأمريكي، ويعكس قرار رفع الرسوم الجمركية على الواردات من الولايات المتحدة إلى 125% هذا الرأي.
ويضيف الموقع أنه إلى جانب الرسوم الجمركية، ينبغي لصانعي السياسات الصينيين التركيز على استجابات أكثر استراتيجية في ثلاثة مجالات سياسية رئيسة.
أولاً، يجب عليهم بذل مزيد من الجهود لتعزيز النمو الاقتصادي. بعد عامين من الأداء الضعيف نسبيًا، اعتمدت الحكومة أخيرًا سياسات تحفيز اقتصادي كلي أكثر جرأة في سبتمبر/أيلول، ما أدى إلى تسارع كبير في النمو خلال الربع الأخير من عام 2024.
لكن الرسوم الجمركية الأمريكية المُعلنة حديثًا قد تُصعّب على الصين تحقيق أهدافها المتمثلة في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% ومعدل تضخم بنسبة 2%، إذ قد يُخفّض انخفاض الصادرات الطلب الكلي، ويُفاقم فائض الطاقة الإنتاجية الصناعية، ويُكثّف الضغوط الانكماشية.
ونظرًا إلى التأثير المُحتمل للرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، سيحتاج صانعو السياسات الصينيون إلى تطبيق سياسات اقتصادية كلية جريئة ومُوجّهة بدقة. وينبغي لبنك الشعب الصيني النظر في مزيد من التيسير النقدي، بما في ذلك خفض سعر الفائدة ونسبة الاحتياطي لدى البنوك.
ومن المؤكد أن المخاوف بشأن الاستقرار المالي تُحدّ من احتمال انخفاض قيمة العملة. وهناك إجماع واسع بين المُحللين الصينيين على أن السياسة المالية، خاصةً زيادة الإنفاق بالعجز من قِبَل الحكومة المركزية، يجب أن تؤدي دورًا أكبر في دعم النمو.
تعزيز الاستهلاك المحلي
ثانيًا، تُؤكد الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة ضرورة إعادة توازن الاقتصاد الصيني من خلال تعزيز الاستهلاك المحلي. ففي الوقت الحالي، لا يُمثّل الاستهلاك إلا نحو 56% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أقل بنحو 20 نقطة مئوية عن المتوسط العالمي، ما يُفاقم مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية في الصين.
تاريخيًا، عالجت الصين هذا الخلل بالاعتماد كثيرًا على الطلب على الصادرات. لكن هذه الاستراتيجية أصبحت غير مستدامة بشكل متزايد منذ الأزمة المالية عام 2008، مع ضعف الطلب العالمي. ونتيجةً لذلك، اعتمد صانعو السياسات الصينيون استراتيجية "التداول المزدوج" لتعزيز الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
في مارس/آذار، كشفت الحكومة عن سلسلة جديدة من "المبادرات الخاصة" الهادفة إلى تعزيز الاستهلاك. لكن هذا، بطبيعته، أصعب من تحفيز الاستثمار، إذ إن إنفاق الأسر مدفوع إلى حد كبير بالدخل والثقة، وكلاهما يستغرق وقتًا للارتفاع.
الاستفادة من الأسواق المفتوحة
وأخيرًا، يُهدد التحوّل الحمائي المؤسف لأمريكا بإحداث فراغ قيادي عالمي. على مدى العقود القليلة الماضية، استفادت دول عديدة استفادة هائلة من الأسواق المفتوحة. يجب على الصين العمل مع هذه الدول على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف، للحفاظ على هذا النظام وتعزيز التجارة الحرة والاستثمار.
خلال العام الماضي، اتخذت الحكومة الصينية خطوات أحادية الجانب لتسهيل التبادل الدولي، بما في ذلك السفر دون تأشيرة لمواطني دول مثل الدنمارك والنرويج وكوريا الجنوبية. ويمكن توسيع نطاق تدابير مماثلة لتشمل التجارة والاستثمار.
ويرى الموقع أنه مع دخول العالم مرحلة جديدة من التنمية، فمن مصلحة الصين أن تعمل على ترتيب بيتها الداخلي أولاً، ثم تتولى دورًا استباقيًا في حماية الاقتصاد العالمي.