انقسمت الطبقة السياسية في غينيا حيال قرارات رئيس المجلس العسكري الجنرال مامادي دومبويا وأسلوب الرد عليها، فعلى الرغم من اتهامه بمحاولة "الانفراد بالسلطة" قبيل أسابيع قليلة من حدث انتخابي مهم، لم يحدث توافق بين المعارضة حول مظاهرات سبتمبر.
واشتعلت الساحة السياسية عقب قرار تعليق المجلس العسكري في غينيا نشاط ثلاثة أحزاب سياسية رئيسة، من بينها حزب الرئيس السابق ألفا كوندي، لمدة ثلاثة أشهر، قبل انطلاق حملة الاستفتاء على تعديل الدستور.
ومُنع اتحاد القوى الديمقراطية الغينية وحزب التجديد والتقدم وحزب تجمع الشعب الغيني "آر بي جي" للرئيس السابق ألفا كوندي من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة 90 يوما.
وبررت وزارة الإدارة الإقليمية واللامركزية في البلاد قرارها بوجود "وضع غير طبيعي في غينيا يتعلق بهذه الأحزاب". ومع ذلك، لم تُعلن أي تفاصيل إضافية لتوضيح طبيعة هذه المخالفات.
وما أثار غضب القادة السياسيين أنه تزامن مع إجراء استفتاء مثير للجدل حول وضع دستور جديد في 21 سبتمبر، وقد دُعيت الأحزاب المختلفة مؤخرًا لاقتراح تعديلات دستورية.
ويخشى قطاع كبير من المعارضة والمجتمع المدني من استغلال الاستفتاء لمساعدة المجلس العسكري على البقاء في السلطة. وفي السياق دعا أحد قادة حزب ألفا كوندي الناخبين إلى عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع احتجاجا على القرارات الأخيرة، إذ من المقرر تنظيم مظاهراتٍ وطنيةٍ ضد الاستفتاء في 5 سبتمبر.
لكن مارك يومبونو، وزير التجارة السابق وعضو المكتب السياسي الوطني لحزب تجمع الشعب الغيني، أكد الطابع السلمي للمظاهرات التي خططت لها "القوى الحية" في إشارة إلى المعارضة، ودعا اليوم الأحد خلال مؤتمر صحفي السلطات إلى إعطاء الأولوية للحوار.
و"تجمع الشعب الغيني" هو حزب اشتراكي ديمقراطي تأسس في أبريل 1993، وعندما انتخب زعيمه ألفا كوندي رئيسا للبلاد في ديسمبر 2010 أصبح الحزب الحاكم والأهم في البلاد، إلى أن تمت الإطاحة بكوندي عبر انقلاب عسكري في سبتمبر 2021.
وعلى عكسه، أوضح حزب التجديد والتقدم، بقيادة الحاج فودي بانغورا، في بيان له، فيما يتعلق بالمظاهرة التي خططت لها "القوى الحية في غينيا" في الخامس من سبتمبر، بأنه "ليس عضوًا فيها ولا مرتبطًا بها". وأكد أن الحزب، المتمسك بإرثه في عهد الجنرال لانسانا كونتي، الذي يرفض المظاهرات وتتعارض مع مبادئه.
ويُصوّر الحزب نفسه حزبا للسلام والتسامح والحوار، ويدعو الغينيين إلى إعطاء الأولوية للتشاور لحل النزاعات.
وبالنسبة لبقية "القوى الحية"، فإن تعليق نشاط أحزاب المعارضة الرئيسية من غير المرجح أن يؤدي إلى إضعافهم بقدر ما سيؤدي إلى تعزيز تصميم نشاطهم.
وتكمن أهمية هذه الملاحظة بالنظر لتاريخ اتحاد القوى الديمقراطية وحزب كوندي اللذين يمثلان جزءا هاما من الطيف السياسي الغيني. ويؤدي تهميشهما، ولو مؤقتا، إلى تقليص مساحة النقاش الديمقراطي في وقت تعيش العملية الانتقالية مخاضا عسيرا.
وبالنسبة إلى بعض المحللين، فإن الخطر الذي أقدمت عليه السلطات يكمن في أن يتم تفسير العقوبة كرغبة في تقييد المعارضة في مناخ يتميز بالتوترات السياسية.