في الوقت الذي تستعد فيه غينيا لإجراء استفتاء دستوري، وهو شرط أساسي للانتخابات الرئاسية لعام 2025، تتصاعد التوترات في العاصمة كوناكري، ويبدو أن الحكومة الانتقالية بقيادة الرئيس مامادي دومبويا تعمل على تشديد قبضتها على السلطة، مع تصاعد المخاوف بشأن التأخير وازدياد الاضطرابات.
وبحسب تقرير لمجلة "جون أفريك"، فإنه عند عودة دومبويا إلى كوناكري في أغسطس 2024 بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الرواندي بول كاغامي، الذي أُعيد انتخابه، استُقبل بمجموعة صغيرة من المؤيدين المتحمسين، في حين نظمت المعارضة احتجاجًا في العاصمة لم يحظَ بالتأييد الواسع.
بدورها، طالبت "قوى الأمة الحية"، وهو تحالف من منظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة، بإعادة النظام الدستوري وإطلاق سراح النشطاء السياسيين عمر سيلا ومامادو بيلو باه، لكن مطالبهم لم تلقَ استجابة.
تصاعد التوترات وحوادث غامضة
وبحسب المجلة، ففي 25 سبتمبر، أثارت وفاة العقيد سيليستين بيليفوغوي، المحتجز منذ نوفمبر 2023، موجة جديدة من الاضطرابات، موضحة أن وفاته، التي أعقبها إطلاق نار غير مبرر بالقرب من القصر الرئاسي، جاءت لتزيد حالة الغموض المحيطة بالانتقال السياسي في غينيا.
وأكدت المجلة أنه بعد ثلاث سنوات من الانقلاب الذي أطاح بالرئيس ألفا كوندي، لا يزال موعد العودة إلى النظام الدستوري غير واضح، مبينة أنه رغم الكشف عن مشروع دستور من قبل المجلس الوطني الانتقالي (CNT) في يوليو 2024، يشكك الخبراء في إمكانية إجراء استفتاء قبل عام 2025.
وأشار أحد الخبراء الانتخابيين إلى أن تنظيم استفتاء يتطلب ستة أشهر على الأقل، وهو ما لم يتحقق بعد في غينيا.
صياغة الدستور وتأجيل الانتخابات
وأشارت "جون أفريك" إلى أنه تم تقديم مشروع الدستور، الذي روج له دانسا كوراما رئيس المجلس الوطني الانتقالي، في ظروف من السرية.
ولم يتمكن بعض الأعضاء من رؤيته إلا في أغسطس، موضحة أن الحكومة الانتقالية تعقد الوضع بإجراء تعداد سكاني مكلف وطويل بدلاً من استخدام البيانات الانتخابية الموجودة منذ عام 2020، ما يزيد تعقيد الجدول الزمني للانتخابات.
وأضافت المجلة أنه من المشكلات الأساسية الأخرى عدم وجود هيئة انتخابية ثابتة أو قانون انتخابي ساري المفعول، ما يترك مسار الانتخابات في البلاد غامضًا.
تشديد القبضة الحكومية
وبحسب المجلة، فإنه في الأشهر الأخيرة، زادت الحكومة من تقييد حرية الإعلام وقمعت المعارضة، حيث تم إغلاق عدة وسائل إعلامية في يونيو 2024، وأفاد الصحفيون بأنهم يواجهون ضغوطًا غير مسبوقة.
بدورهم، يعتقد بعض المحللين أن دومبويا يسعى للبقاء في السلطة، مشيرين إلى أن مشروع الدستور لا ينص صراحةً على منع أعضاء المجلس العسكري الحاكم من الترشح في الانتخابات القادمة.
وختمت المجلة بالقول، إنه في ظل هذه الظروف السياسية الغامضة، تواجه الحكومة الانتقالية تحديات داخلية واستياءً متزايدًا من الجمهور، إضافة إلى شكوك المراقبين الدوليين، لافتة إلى أنه بينما تعد الحكومة بتنظيم استفتاء قبل نهاية العام، فإن التأخيرات المتزايدة والاضطرابات المتصاعدة تثير الشكوك حول إمكانية الوفاء بهذا الوعد.
ويبقى السؤال الأهم حول ما إذا ستكون هذه المرحلة الانتقالية الأخيرة التي تشهدها غينيا، أم أن دومبويا يعتزم تعزيز قبضته على السلطة من خلال صناديق الاقتراع.