شهدت العاصمة الصينية، بكين، أمس الثلاثاء، أول اجتماع بين الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ونظيره شي جين بينغ بعد الهجمات الإسرائيلية-الأمريكية على منشآت إيران النووية في يونيو/حزيران، حيث أكّد شي دعم بلاده لـ"حق طهران في برنامج نووي مدني"، وفق موقع "المونيتور".
وأشار شي في تصريحات لقناة CCTV إلى أن "استخدام القوة ليس السبيل الأمثل لحل الخلافات، وأن الحوار والتواصل هما الطريق لتحقيق سلام دائم".
ويأتي هذا اللقاء في وقتٍ حرج لإيران، بعد أن قامت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، بتفعيل آلية "الزناد" لمجلس الأمن الدولي؛ ما قد يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة خلال 30 يومًا.
من جانبه، اتهم بزشكيان في مقابلة خاصة مع تلفزيون الصين المركز، القوى الغربية بـ"المعايير المزدوجة"، قائلًا إن الدول نفسها التي انتهكت الاتفاق النووي تزعم الآن أن إيران لا تفي بالتزاماتها، مؤكدًا أن على بلاده التفاعل والتجارة بعيدًا عن ما سمّاه "ضغوط العقوبات".
تشمل زيارة بزشكيان أيضًا حضور العرض العسكري الصيني في بكين اليوم الأربعاء، بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، حيث سيحضر العرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، من بين آخرين.
وتعد هذه الزيارة فرصة لإيران لتعزيز دعم شركائها الإستراتيجيين، الصين وروسيا، في وقت يواجه فيه البرنامج النووي الإيراني خطر العزلة الدولية، خاصة أن ما يقرب من 90% من صادرات النفط الإيرانية تتجه إلى الصين؛ ما يجعلها شريان حياة اقتصاديًا رئيسيًّا لطهران.
قبل زيارة بكين، حضر بزشكيان قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، التي جمعت أكثر من 20 زعيمًا من دول غير غربية، بينهم الرئيس الروسي بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.
تأسست منظمة شنغهاي عام 2001 ككتلة أمنية أوراسية، وتضم اليوم عشرة أعضاء كاملين، بما في ذلك إيران منذ 2023، و14 شريكًا في الحوار، من بينهم السعودية وتركيا وقطر.
وتعتبر المنظمة اليوم قوة موازنة للهيمنة الغربية، مع تركيز على الأمن والتكامل الاقتصادي ونظام عالمي متعدد الأقطاب.
وبرزت المشاركة الشرق أوسطية خلال القمة، حيث أجرى مدبولي محادثات ثنائية مع شي حول العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين، واصفًا الصين بأنها "شريك وصديق حقيقي لمصر".
كما التقى شي بالرئيس التركي أردوغان لتعزيز "الثقة السياسية المتبادلة" و"التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب"، فيما التقى أردوغان أيضًا ببيزشكيان، مؤكّدًا دعم تركيا لمفاوضات إيران النووية.
وأسفرت القمة عن توقيع أكثر من 20 اتفاقية تعاون وإصدار إعلان مشترك دان "العدوان العسكري الإسرائيلي والأمريكي على إيران في يونيو 2025"، وأكد الطابع الملزم لقرار مجلس الأمن رقم 2231 كأساس للاتفاق النووي، محذرًا من أي تفسير خاطئ قد يقوّض سلطة المجلس.
على صعيد دولي، وقّع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ونظيره الإيراني عباس عراقجي، ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن الدولي، رفضوا فيها تفعيل آلية "الزناد" الأوروبية، واعتبروا الخطوة "معيبة قانونيًّا وإجرائيًّا" وتنتهك سلطات المجلس.
واعتبرت الرسالة القانونية المشتركة، أن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة لم تفِ بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وبالتالي لا يحق لها تفعيل العقوبات؛ ما يمثل حجر عثرة أمام محاولات إعادة فرض قيود الأمم المتحدة على إيران.
تشكّل الزيارة المطولة لبيزشكيان إلى بكين، بجانب اجتماعات قمة شنغهاي، خطوة حاسمة لإيران في تعزيز تحالفها مع الصين وروسيا، في وقت تواجه فيه ضغوطًا غربية متزايدة.
كما تعكس هذه التحركات سعي طهران للاستفادة من القوى الاقتصادية والعسكرية للصين وروسيا لضمان أمنها السياسي والاقتصادي، في مواجهة التهديدات والعقوبات الدولية، وتعيد التأكيد على دور منظمة شنغهاي للتعاون كمنصة موازنة للهيمنة الغربية.