كشفت مصادر إيرانية أن الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) أبلغت طهران بعرض جديد يقضي بوقف إجراءات تفعيل آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات الدولية، شريطة موافقة طهران على الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي.
وبحسب المصادر لـ"إرم نيوز"، فإن المقترح الأوروبي جاء بعد مشاورات مكثفة بين باريس، وبرلين، ولندن، بهدف استغلال فترة الضغط المتزايد على طهران، بعدما شرعت فيه فعلياً في تفعيل مهلة الثلاثين يوماً الخاصة بآلية الزناد، والتي قد تؤدي في حال اكتمالها إلى عودة جميع العقوبات الأممية السابقة على إيران".
وقالت المصادر الإيرانية إن "المقترح الأوروبي نقله وزير الخارجية عباس عراقجي خلال محادثات مع نظرائه الأوروبيين بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة، وأصبح بيد مجلس الأمن القومي الإيراني لاتخاذ القرار المناسب بشأنه".
وفي سياق متصل، قال عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني "محمد كعب عمير" لـ"إرم نيوز": "من حيث المبدأ فإن الولايات المتحدة ليست طرفاً يمكن الوثوق به"، مشيراً إلى أن أي قرار بشأن شكل المفاوضات أو مستقبل الاتفاق النووي سيُتخذ فقط بعد مناقشته في إطار النظام السياسي الإيراني، وبموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي.
وشدد على أن بلاده لن تتردد في اتخاذ خطوات حاسمة، بما في ذلك دراسة خيار الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، إذا ما استمرت الضغوط الغربية.
واعتبر عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، أن التهديد بعودة العقوبات أو تفعيل آلية الزناد لن يغيّر كثيراً من الواقع، قائلاً إن "إيران عاشت لسنوات طويلة تحت العقوبات، ويمكنها تحويل هذه القيود إلى فرص"، داعياً الحكومة إلى التركيز على ضبط السوق الداخلية، وتفعيل الطاقات المحلية.
يأتي ذلك بينما تقدمت روسيا والصين بمشروع قرار مشترك في مجلس الأمن يقضي بتمديد الاتفاق النووي لمدة 6 أشهر إضافية، مع دعوة جميع الأطراف الموقعة على خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) إلى العودة الفورية للمفاوضات.
وبحسب تقارير صحفية غربية، فإن موسكو وبكين أقدمتا هذه المرة على تعديل بعض البنود المثيرة للجدل، ما جعل النص أقرب إلى مواقف الدول الغربية، لكنه لا يزال يثير تحفظات قانونية بشأن آلية الزناد.
واتهم علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الولايات المتحدة بـ"ادعاء الرغبة في المفاوضات دون القدوم إلى طاولة الحوار"، وذلك في منشور على منصة إكس.
ونفى لاريجاني اتهامات واشنطن بأن بلاده ترفض المفاوضات، مبيناً أن "إيران تريد مفاوضات عقلانية"، إلا أنه يرى أن واشنطن تضع شروطًا تعجيزية، مثل المطالبة بفرض قيود على برنامج إيران الصاروخي، والتي "تعرف جيداً أنها غير قابلة للتحقيق"، مما يؤدي فعلياً إلى إغلاق أي مسار للحوار.
ويرى مراقبون أن الشرط الأوروبي للتفاوض المباشر بين طهران وواشنطن يمثل اختباراً حساساً للقيادة الإيرانية، التي لطالما رفضت الجلوس وجهاً لوجه مع المسؤولين الأمريكيين منذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي العام 2018. ومع ذلك، فإن تعقّد المشهد داخل مجلس الأمن والاقتراب من إعادة فرض العقوبات الشاملة قد يدفع طهران إلى إعادة تقييم خياراتها في الأسابيع المقبلة.