في حين يموت الفلسطينيون في غزة بأعداد متزايدة من الجوع كل يوم، فإن الحكم النهائي الذي ستواجهه إسرائيل من قبل محكمة العدل العليا، في حال إدانتها بإبادة جماعية، لن يصدر قبل 2027 على أقرب تقدير.
ووفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، يحذّر خبراء من أن المجتمع الدولي لا ينبغي أن يستخدم الإجراءات البطيئة للمحكمة كذريعة لتأجيل العمل لوقف القتل.
وكان من المقرر أصلاً أن تقدم إسرائيل ردها على تهمة الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا يوم الاثنين، لكن المحكمة منحت محاميها تمديداً لمدة ستة أشهر.
وقبلت هيئة المحكمة المكونة من 17 قاضيا ًحجة إسرائيل بأنها احتاجت إلى أكثر من تسعة أشهر لإعداد قضيتها، مدعية أن "مسائل الأدلة" في عرض جنوب أفريقيا تعني أن "نطاق القضية لا يزال غامضاً".
وفيما ردّ الفريق القانوني الجنوب أفريقي بأن الحجج التي قدمها المحامون الإسرائيليون لم تكن مبرراً للتأخير، في ظلّ حالة الطوارئ الإنسانية في غزة، إلا أن المحكمة انحازت إلى إسرائيل، التي لديها الآن مهلة حتى يناير/كانون الثاني المقبل لعرض قضيتها.
وقالت جولييت ماكنتاير، المحاضرة البارزة في القانون بجامعة جنوب أستراليا: "أعتقد أن محكمة العدل الدولية تتوخى الحذر الشديد هنا نظراً للمناخ السياسي السائد. فهم لا يريدون أن يُتهموا بتجاهل حقوق إسرائيل الإجرائية والحكم بأنها ارتكبت إبادة جماعية دون منحهم فرصة كاملة للرد".
منذ تأسيسها في عام 1945، فضّلت محكمة العدل الدولية دائماً الحذر على السرعة في أداء دورها كمحكم نهائي بين الدول.
وبعد أن تقدم إسرائيل دفاعها في يناير/كانون الثاني المقبل، من المعتاد أن يُمنح كل جانب الوقت الكافي لتقديم جولة أخرى من الحجج لمواجهة نقاط كل جانب والتطورات الجديدة.
وأشار مايكل بيكر، الذي عمل مسؤولًا قانونيًا في محكمة العدل الدولية، إلى أن الجولة الثانية تستغرق عادة حوالي ستة أشهر لكل جولة، أي سنة أخرى "ثم نصل إلى يناير/كانون الثاني 2027".
وأضاف: "إذا سارت الأمور بسلاسة ولم تكن هناك أي أحداث أو انقطاعات أخرى تتدخل في الإجراءات، فستكون لديك جلسة استماع في وقت ما في 2027، ربما في وقت مبكر بما يكفي من العام بحيث يمكنك الحصول على حكم بحلول نهاية العام".
ومع ذلك، هناك مجموعة من العوامل التي قد تؤدي إلى تأجيل القضية إلى عام 2028، بما في ذلك مطالبات دول أخرى بالتدخل.
ولدى محكمة العدل الدولية أداةٌ لمعالجة التفاوت بين وتيرة إجراءاتها وضرورة التعامل مع حالات كارثية كغزة. في عام 2024، أصدرت المحكمة ثلاث مجموعات من "التدابير المؤقتة"، بشكل تعليماتٍ لإسرائيل، استجابةً لطلبات جنوب أفريقيا.
وتجاهلت إسرائيل بشكل شبه كامل الإجراءات المؤقتة، ورفضت اتهام الإبادة الجماعية ووصفته بأنه "شائن وكاذب"، ولم تطلب جنوب أفريقيا أي إجراءات أخرى، رغم فترات الحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على غزة هذا العام.
وبغض النظر عن النتيجة، يزعم العديد من الخبراء في القانون الإنساني الدولي أن التركيز على حكم الإبادة الجماعية قد يشكل تشتيتاً خطيراً، ويؤخر اتخاذ إجراءات حاسمة من جانب المجتمع الدولي بانتظار حكم محكمة العدل الدولية، في حين يُسمح باستمرار الجرائم الواضحة ضد الإنسانية.