مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
أنفقت أوروبا مليارات الدولارات لمشاريع مختلفة في منطقة الساحل الإفريقي الأوسط، ومع ذلك أخفقت في الحفاظ على وجودها العسكري والأمني، الأمر الذي دفع بخبراء لتوجيه توصيات لتكييف استراتيجية بروكسل مع المشهد المتعدد الأقطاب واستخدام القوة العسكرية فقط في الحالات الاستثنائية المحدودة.
ونشرت دول الاتحاد الأوروبي قواتٍ ومستشارين سابقا قبل أن تنسحب، وكانت فرنسا الفاعل الأوروبي الرئيس، حيث أنفقت ما يقارب مليار يورو سنويًا على قوة قوامها 5100 جندي في ذروتها.
وقد انهارت الاستراتيجية التي اتبعتها أوروبا لما يقرب من عقدٍ من الزمان بعد الانقلابات العسكرية المتتالية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر بين عامي 2020 و2023، مما أدى إلى طرد فرنسا وتعليق التعاون الأمني للاتحاد الأوروبي.
وقد تفاقم التهديد منذ ذلك الحين ضد الغرب، ففي عام 2024، كانت منطقة الساحل مسؤولة عن أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم، بينما كان ما يقدر بنحو 60% من أراضي بوركينا فاسو و50% من أراضي مالي خارج سيطرة الحكومتين.
وتقف ثغرات جمة وراء فشل بروكسل وفق ما كشفت محكمة المدققين الأوروبية، إذ إن بعثة الاتحاد لـ"بناء القدرات في ساحل النيجر" وبعثة الاتحاد الأوروبي لـ"بناء القدرات في الساحل المالي"، لم تُحرزا سوى تقدم "محدود وبطيء" في عملهما، وكثيرًا ما افتقر الموظفون إلى التوجيه العملي والتدريب قبل النشر، بينما كان الدعم من المقر الرئيس غير كافٍ.
ومع ذلك، مع مرور الوقت، رفضت مالي النهج الفرنسي، وفضّلت بدلا من ذلك بناء قدرات أوسع نطاقا. وقد كان الالتزام الأوروبي، باستثناء فرنسا، محدودًا أيضًا، إذ شاركت بعض الدول الأعضاء من منطلق "التضامن الأوروبي" فحسب، رافضةً إرسال أسلحة، والأبرز من ذلك، أنها طلبت من الجنود الماليين محاكاة التدريب بالعصي الخشبية بدلًا من البنادق.
وعلى الرغم من الطلبات المتكررة لتوفير المعدات والذخيرة اللازمة لتكملة التدريب، رفض الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى "نقص الأدوات المتاحة". الوضع دفع باماكو جزئيًا إلى تنويع شركائها وطلبت "من روسيا والقوات التابعة لها "فاغنر" الدعم.
وشكلت روما الاستثناء، بعدما وُضعت خطط لاستئناف التدريب العسكري والشرطي مع النيجر، في حين لم تُعلّق الأنشطة المدنية الإيطالية قط.
وحافظت روما على بعثتها الثنائية للدعم في النيجر بعد الانقلاب العسكري، وصرّح قبل أسابيع وزير الخارجية أنطونيو تاجاني بأنه من المستحسن استئناف "الحوار مع السلطات الفعلية في النيجر"، مجادلاً بأن الانسحاب من منطقة الساحل "سيجعل المنطقة أكثر عدائية، وبالتأكيد ليس أكثر ملاءمة لمصالحنا الاستراتيجية".
وفي الوقت نفسه، أدت محاولات الولايات المتحدة للضغط على النيجر لعدم التحالف مع روسيا وإيران، إلى جانب المعايير المزدوجة في دعم الحلفاء، إلى إنهاء وجودها في عام 2024. بالتالي، تظل إيطاليا القوة الغربية الوحيدة التي لها وجود عسكري نشط في النيجر اعتبارًا من صيف عام 2025.
وحسب المركز الدولي للدفاع والأمن الأوروبي فقد أوصى بإعادة صياغة استراتيجية أوروبية حول أهداف واقعية، فعلى المدى القريب، يعني هذا الحفاظ على حضور محدود لرصد الاتجاهات الأمنية والسياسية.
كما دعا إلى التخطيط لمنطقة متعددة الأقطاب، تلعب فيها روسيا دورًا مستدامًا في المجال الأمني، ويكون دور أوروبا فيها أكثر محدوديةً وانتقائيةً وتركيزًا على مجالات المصالح الحقيقية.
وينصح المركز صنّاع القرار في بروكسل بالحفاظ على وجود محدود على الأرض (السفارات وبعثة الاتحاد الأوروبي لبناء السلام في مالي) لتتبع الاتجاهات الأمنية والسياسية والإنسانية؛ وتعزيز مراقبة انتشار الجهاديين وشبكات النقل البحري والأسلحة غير المشروعة؛ تعزيز التعاون مع الدول المجاورة؛ إلى جانب الحفاظ على العقوبات المفروضة على الشركات التابعة لشركة فاغنر/فيلق إفريقيا.
كما حث على الامتناع عن استخدام القوة العسكرية إلا في الحالات الاستثنائية المحدودة زمنياً على سبيل المثال، انهيار الدولة الوشيك أو ضربات مكافحة الإرهاب ذات القيمة العالية.