logo
العالم

سلاح صامت ورخيص.. التجويع والحصار ينهكان شعوب الساحل الأفريقي

نازحون في مالي يبحثون عن ماءالمصدر: رويترز

يُعدّ استخدام المجاعة سلاح حرب موضوعا مروعا ومسكوتا عنه في منطقة الساحل الأفريقي، يفرضه مسلحو التنظيمات المتطرفة كحصار صارم على السكان المدنيين، رغم أن القانون الإنساني الدولي ينصّ بوضوح على حظر استعمال هذه الورقة في النزاعات. 

أخبار ذات علاقة

زعيم بوركينا فاسو إبراهيم تراوري

بوركينا فاسو تحت المجهر.. سجون سرية وتضييق على الإعلام يثيران قلقا دوليا

ويُحصي برنامج الغذاء العالمي الأممي حاليا 319 مليون شخص حول العالم يعانون من "جوع حاد"، يعيش 70% منهم في مناطق نزاع أو مناطق تُصنّف على أنها هشة سياسيًا.

ووفقًا للبرنامج، فإن مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا لديها 3.5 مليون شخص مُعرّضون عمدًا للجوع بسبب الحصار.

وكتكتيك قديم أصبح سلاح التجويع مُفضّلا لدى المتحاربين، لأنه رخيص وصامت وفعال بشكل مريع وفق خبراء أمن، ففي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، منذ عام 2017، أصبح متطرفو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بارعين في فرض الحصار على قرى ومناطق سكنية معزولة لتحقيق أهدافهم العسكرية والسياسية.

واستنادا إلى عشرات الحالات المسجلة للحصار الجاري أو المكتمل في مالي وبوركينا فاسو، تتفاوت الأساليب تفاوتا كبيرا، فبعضها لا يدوم إلا بضعة أيام، وبعض الحالات الأخرى يستمر لعدة سنوات، كما أنها تتسم بصرامة متفاوتة.

وتشير دراسات مراكز أبحاث غربية لمتوسط حجم المناطق المستهدفة بالحصار الآخذة في الازدياد، ما يشير إلى تنامي شهية المتشددين بالساحل وتعزيز قدرتهم على تطبيق هذا الأسلوب العملي، الذي يتطلب، وإن كان غير مُكلف، موارد بشرية ومادية تتناسب مع حجم المنطقة المستهدفة.

ومع ذلك، فإن هذا التكتيك يصطدم بالمناطق الأكبر حجما، التي قد تكون هدفًا لهجوم للجيش النظامي ضدهم مثلما لوحظ أخيرًا في بوركينا فاسو في دجيبو أو دياباجا، ولكن المتطرفين لا يبقون فيها، لأنهم يُخاطرون بتعريض أنفسهم لضربات الطائرات المسيّرة، ويواجهون صعوبة في السيطرة على المناطق الحضرية. 

ويُظهر هذا الأسلوب للجميع عجز الدولة عن حماية السكان والحفاظ على الأراضي الوطنية.

وبالإضافة إلى آثاره الاقتصادية المباشرة، يُحدث الحصار آثارًا سياسية ونفسية مدمرة، ولأنه نظام عقاب جماعي بطبيعته، فإنه يُفعّل عندما يحاسب المتشددون مجتمعًا بأكمله على أمرٍ ما مثل عدم دفع الزكاة، أو عدم الالتزام بالواجبات الدينية التي يمارسونها عمومًا، أو الأسوأ من ذلك، مقاومتهم للدولة.

ولا يتجسد هذا الحصار عبر نقاط التفتيش، بل عبر إعلانات حظر الحركة مثلما لوحظ في مالي أخيرا ثم آليات عقوبات صارمة للمخالفين الذين يُقبض عليهم في المكان والزمان الخطأ.

هذا الأمر يُشعر المتطوعين في المجال الإنساني، حسبما أوضح أحدهم لـ"إرم نيوز" أن "الحصار والتجويع يمكن أن يُديما نفسيهما، بعد فترة زمنية معينة، دون اللجوء إلى الإكراه، بل من خلال الخوف فقط". 

وحذر المصدر من أن الحصار قد يكون مصحوبا بأشكال أخرى من العنف، كخطف أو اغتيال من يُفترض أنهم مُخبرون، بالإضافة إلى العنف الجنسي. وغالباً ما تُرسل النساء للبحث عن الطعام خارج المناطق المسموح بها، ما يُعرّضهن للإساءة من قبل المتشددين.

وفي غياب الدولة ومواجهة هذا الضغط، تنتهي المجتمعات المحلية للاستسلام وإبرام ما يُسمى في مالي "اتفاق ميثاق بقاء"، الذي يعني الامتثال لتعاليم النظام المتطرف مثل دفع الزكاة، وحصر أنشطة النساء في المجال المنزلي، وقواعد اللباس، وقطع جميع العلاقات مع الدولة مقابل استئناف الأنشطة الاقتصادية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC