كشفت حادثة اختطاف مبشر أمريكي في النيجر حجم المخاطر الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد تصاعداً في عدد الهجمات الدموية التي تشنها الجماعات المسلحة على غرار جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، أو غيرها.
واختطفت امرأة نمساوية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، ومواطن سويسري، في أبريل/نيسان الماضي، في هجوم شنه مسلحون وكلاهما في دولة النيجر التي شهدت انقلاباً عسكرياً في العام 2023.
إلى جانب عمليات الخطف، تلجأ الجماعات المسلحة سواء تلك المتشددة أو المتمردة إلى وضع كمائن وألغام تستهدف الجيوش الوطنية والمدنيين على حد السواء مستغلة في ذلك حالة الفوضى الأمنية التي تسود منطقة الساحل الأفريقي.
وفي مالي، تكافح السلطات الانتقالية من أجل وضع حد لانتشار ووضع الجماعات المسلحة وأبرزها جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" لألغام يدوية الصنع في الطرق، وهو أمر يتسبب في حوادث مميتة.
وعلّق الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الإفريقية، عمرو ديالو، بأن "الوضع صعب في الطرق الوطنية في منطقة الساحل، والأمر يعود بالأساس إلى قدرة الجماعات المسلحة على المناورة وزرع ألغام سواء يدوية الصنع أو تم الحصول عليها من الجيوش أثناء هجمات ما يؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين".
وتابع ديالو في حديث لـ"إرم نيوز" أن "عمليات الخطف زادت أيضاً بشكل لافت، إذ تم اختطاف ما لا يقل عن 10 أجانب هذا العام وهو الأمر الذي دفع عدة دول من أهمها الولايات المتحدة الأمريكية لإصدار أوامر لرعاياها بتوخي الحذر أو المغادرة".
وشدد على أن "تدفق الأسلحة بشكل غير مشروع وكبير إلى المنطقة جعل منها مختبراً للألغام والطائرات المسيرة وغيرهما، ناهيك عن أن الحدود المفتوحة والمخترقة ساهمت، بشكل كبير، في تقوية شوكة الجماعات المسلحة الأمر الذي يزيد من صعوبة السيطرة على الطرق الوطنية وتأمينها".
وتخضع عدة مدن مالية، اليوم، إلى الحصار من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي ينتشر مقاتلوها، بشكل كبير، على الطرقات وفي المسالك الوعرة.
وباتت منطقة جنوب الحدود المالية معقلاً للجماعة، حيث يقود مقاتلوها حصاراً على مدينة جيبو في بوركينا فاسو.
واعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، أن "ما تقوم به جماعة نصرة الإسلام والمسلمين محاولة لخنق اقتصادات بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، شأنها في ذلك شأن جماعات أخرى حولت الطرقات إلى جحيم حقيقي".
وبين إدريس في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "الكثير من المدنيين راحوا ضحايا لانفجارات ألغام أو كمائن تم وضعها من قبل المسلحين، الذين عزّزوا نفوذهم بشكل كبير في ظل عجز الحكومات العسكرية".
وأكد أن "هذا الوضع يشجع الجماعات المسلحة حيث يوفر لها عائدات مالية ضخمة من خلال الفدية وغير ذلك".