logo
العالم

من خاصرة الشرق إلى عمق الغرب.. هل تنقل روسيا معركة "الناتو" إلى قلب أوروبا؟

مسيرة روسيةالمصدر: رويترز

رأى خبراء أن روسيا باتت تميل إلى استخدام أساليب الحرب غير التقليدية، وفي مقدمتها الطائرات المسيّرة، وشبكات العملاء، سواء كرد مباشر على دعم الغرب لأوكرانيا أو كجزء من إستراتيجية تهدف إلى نقل المعركة إلى العمق الأوروبي.

ولم تعد التهديدات الروسية محصورة في الشرق الأوروبي أو على حدود أوكرانيا وحدها، بل باتت مؤشرات التصعيد تصل العمق الغربي لحلف الشمال الأطلسي "الناتو".

وبيّن الخبراء لـ"إرم نيوز"، أن السياسة الروسية تمثل جزءًا من إستراتيجية مركبة تهدف إلى خلق واقع أمني جديد في القارة، من خلال تعزيز الردع العسكري في مناطق إستراتيجية ككالينينغراد، وفي الوقت نفسه تكثيف الضغوط غير المباشرة مثل الاختراقات الجوية، والهجمات السيبرانية.

جس نبض

وقال الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات في روسيا، إن جميع المباحثات التي جرت بين روسيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة، تكشف أن موسكو كانت تواجه بشكل متواصل استخدام الطائرات المسيرة داخل العمق الروسي.

أخبار ذات علاقة

الشرطة الدنماركية في محيط مطار آلبورغ

روسيا تنفي علاقتها بتحليق طائرة مسيرة فوق أجواء الدنمارك

وأكد لـ"إرم نيوز"، أن أوكرانيا رفعت شعار "نقل المعركة إلى داخل روسيا" عندما لجأت إلى هذا النمط من الحروب، وهو الشعار الذي جرى ترويجه بكثافة في وسائل الإعلام الأوكرانية والغربية.

وأشار الدكتور ملحم إلى أن هذه الطائرات يتم إطلاقها، أحيانًا، من داخل روسيا نفسها عبر شبكة من العملاء، مستخدمين وسائل الترهيب أو الترغيب، أو عبر تدخل أجهزة الاستخبارات التي تستغلهم بطرق متعددة، مثل تهديد عائلات أسرى روس محتجزين في أوكرانيا بقتل أبنائهم، أو عبر تقديم إغراءات مالية مباشرة.

وأضاف أن روسيا بدورها قد تتجه إلى تبنّي النهج نفسه، فهي تمتلك شبكة واسعة من العملاء في أوروبا يعملون على جمع المعلومات، وتقديم خدمات متعددة، بالإضافة إلى التأثير على وسائل الإعلام والرأي العام، وأن هناك نوعاً آخر العملاء يمكن أن يتولّى مهمة نقل الطائرات المسيرة، وهي طائرات يصعب رصدها، حيث يكمن التحدي الحقيقي في إيصالها إلى مواقع قريبة من منشآت حيوية كالمطارات، والمناطق العسكرية.

وذكر الدكتور ملحم أن عملية "شبكة العنكبوت"، التي نفذتها أوكرانيا تمت على هذا الأساس، إذ جرى نقل شاحنات إلى أماكن محددة، ثم التحكم بها عبر خوادم، وشبكات أوروبية، ومن هنا يبدو أن روسيا تحاول تطبيق الأسلوب ذاته ضد الدول الغربية، لإيصال رسالة بأنها قادرة على الرد بالمثل.

ونوه إلى أن هذا التطور يشكل "جس نبض" لحلف "الناتو"، إذ تسعى موسكو إلى معرفة مدى استعداد الحلف لخوض حرب مفتوحة معها، وربما يكون الهدف أيضاً تحريك الرأي العام داخل دول الناتو عبر فكرة أن التصدي لهذه الهجمات قد يقود إلى انتقال الحرب التقليدية نحو مواجهة نووية، وهو ما قد يولّد ضغوطاً داخلية واسعة لدفع الحكومات نحو تسوية الأزمة الأوكرانية سياسيًا.

إذلال الناتو

ومن جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، إن موسكو تنتهج إستراتيجية مركبة تستهدف في جوهرها تعزيز الردع، وفرض واقع أمني جديد في القارة الأوروبية.

وأشار لـ"إرم نيوز"، إلى أن روسيا تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية التقليدية في مواقع إستراتيجية مثل كالينينغراد بهدف ترسيخ معادلة ردع ثابتة، كما توظف أدوات ضغط غير مباشرة مثل الاختراقات الجوية، والهجمات السيبرانية، والحرب الإلكترونية، لاختبار رد فعل "الناتو" من دون تجاوز عتبة الحرب الشاملة.

أخبار ذات علاقة

عملية "نسور الأطلسي"

"نسور الأطلسي تحلّق".. اليابان تدخل معركة الدفاع الأوروبي ضد الصين وروسيا

ورجح المحلل البني أن يكون "هدف روسيا الأساس هو إضعاف التماسك الداخلي للحلف، وخلق بيئة أمنية يصبح فيها الاستفزاز أمراً اعتيادياً، وهو ما يتيح لموسكو هامشاً أوسعَ للحركة، ويقوّض الضمانات الأمنية التي يقدمها الناتو لحلفائه في شرق أوروبا".

وبشأن اتهامات توغل مسيّرات روسية في الدنمارك والنرويج، أوضح المحلل البني، أن "موسكو لم تعترف، رسميًا، بأيٍّ من هذه الانتهاكات، وإن ثبتت صحتها فقد يكون الهدف إذلال الناتو، أما إذا لم تثبت فقد تكون مجرد محاولات غربية لإحراج روسيا ووضعها في موقف الدفاع".

وأشار إلى أن روسيا "تملك حرية التصرف وفق ما تشاء وفي التوقيت الذي تراه مناسبًا"، لافتًا إلى أن السلوكيات الروسية الأخيرة، حتى وإن لم تصل إلى مستوى الهجمات العسكرية المباشرة على العمق الأوروبي، تعكس بوضوح سعي موسكو إلى توسيع نطاق الضغط على الحلف.

وأكد المحلل البني أن ذلك النهج يضع "الناتو" أمام تحدٍ بالغ الصعوبة في كيفية إدارة الرد على هذه الاستفزازات دون الانزلاق إلى تصعيد عسكري غير مرغوب فيه.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC