نشرت اليابان مقاتلاتٍ في قواعد الناتو التاريخية؛ الأمر الذي يمثل تحولًا إستراتيجيًا واضحًا نحو دور عالمي نشط، يعكس رغبة طوكيو في تعزيز حضورها الدفاعي خارج حدودها التقليدية.
وكشف "المجلس الأطلسي"، أن هذه العملية التي أطلقت عليها "طوكيو" اسم "نسور الأطلسي" تضمنت نشر 4 مقاتلات "إف-15" و 4 طائرات مساندة، بالإضافة إلى ما يقرب من 200 عنصر من القوات الجوية اليابانية في قواعد في الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، وألمانيا.
يرى الخبراء أن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز التعاون الدفاعي بين اليابان ودول الناتو، وربط الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بالأمن في أوروبا وأمريكا الشمالية، كما تمثل فرصة للقوات اليابانية لاكتساب خبرة تشغيلية مهمة، والتدرب على التنسيق مع الحلفاء في مجالات الرصد والاستخبارات والتدريب العملياتي.
وبحسب مصادر، فإن التحرك الياباني جاء في وقت يشهد تصاعد التهديدات من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وسط حالة من عدم اليقين تجاه السياسات الأمريكية، ولذا، يعكس هذا الانتشار رغبة اليابان في لعب دور أكبر في استقرار منطقة الهندي-الهادئ، وضمان أمنها الوطني من خلال بناء تحالفات متعددة الأطراف خارج هيمنة واشنطن التقليدية.
كما يشير الانتشار إلى تعزيز التعاون الصناعي الدفاعي بين اليابان وأوروبا، من خلال مشاريع مشتركة تشمل برامج متقدمة، مثل: المدفع الكهرومغناطيسي، وبرنامج القتال الجوي العالمي، وهو ما يربط القدرات البحثية اليابانية بالإمكانات الإنتاجية الأوروبية لتطوير أنظمة دفاعية متقدمة.
ويتوقع أن تمتد هذه المبادرات لتشمل تدريبات مشتركة للقوات اليابانية مع عناصر الناتو الأرضية والبحرية، واستضافة تدريبات محدودة على الأراضي اليابانية، وربَّما إقامة تمثيل صغير دائم للحلف في طوكيو، بما يعزز فهم الناتو للتحديات الإقليمية ويقوي الشبكة الدفاعية بين أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
لكن يتعيّن على اليابان وشركائها في الناتو تجاوز مجرد التبادلات الشكلية، والعمل على تعزيز القدرة على التشغيل المشترك لضمان جاهزية دفاعية متكاملة، خاصة في مجالات المعلومات والمراقبة والاستطلاع.
كما تبرز فرص واسعة للتعاون في تطوير تقنيات الدفاع للجيل القادم ونقل المعرفة التخصصية بين الأطراف.
يرى مراقبون أن نجاح هذا التعاون يعتمد بشكل كبير على مدى قدرة اليابان والناتو على تبادل رؤاهم ووضع إستراتيجيات وخطط واضحة للشراكة، وعلى الرغم من أن الهدف لا يقتصر على القتال المشترك، فإن تنسيق الجهود وتبادل الخبرات سيخلق شبكة دفاعية مهمة يمكنها احتواء المخاطر التي تفرضها القوى المعادية للنظام الدولي الحالي.