شهدت الحرب في أوكرانيا تحولاً دراماتيكياً في ميزان القوى البحرية في البحر الأسود، حيث تمكنت كييف، رغم افتقارها لأسطول بحري قوي، من إلحاق هزيمة مؤثرة بالأسطول الروسي، الذي كان يُعتبر قوة مهيمنة في المنطقة.
ووفق تقرير لموقع "ناشيونال سكيوريتي جورنال" يُعد هذا الانتصار إنجازاً عسكرياً استثنائياً، حيث استطاعت أوكرانيا تحييد أكثر من ثلث الأسطول الروسي باستخدام تكنولوجيا مبتكرة وتكتيكات غير تقليدية.
وكان أسطول البحر الأسود الروسي يُعتبر رمزاً للهيمنة العسكرية الروسية، حيث كان يتحكم في منطقة حيوية لنقل النفط الروسي ويُعد قاعدة استراتيجية لعمليات بحرية.
لكن الحرب كشفت عن هشاشة هذا الأسطول، حيث خسرت روسيا سفينتها الرائدة "موسكفا" في 2022، بعد إصابتها بصواريخ "نبتون" الأوكرانية المضادة للسفن.
كما تضررت أو دُمرت 26 سفينة روسية، بما في ذلك سفينة الإنزال البرمائي "تسيزار كونيكوف" والكورفيت الصاروخي "إيفانوفيتس"، إضافة إلى كاسحات ألغام وزوارق دورية، وهذه الخسائر أضعفت قدرات الأسطول بشكل كبير؛ ما دفع وزارة الدفاع البريطانية إلى وصف الأسطول بأنه "غير فعال وظيفياً".
يعود نجاح أوكرانيا إلى استخدامها المبتكر للأسلحة المحلية الصنع، مثل صواريخ "نبتون" والطائرات البحرية من دون طيار مثل "سي بيبي" و"ماغورا V5"، بالإضافة إلى صواريخ "ستورم شادو".
ومكّنت هذه الأسلحة أوكرانيا من استهداف السفن الروسية بدقة عالية، حتى في موانئ مثل سيفاستوبول وشبه جزيرة القرم، كما طوّرت كييف نظام دفاع متعدد الطبقات لمنع الوصول إلى المنطقة؛ ما أحبط الخطط الروسية لفرض حصار بحري أو تنفيذ هجوم برمائي على مدينة أوديسا.
ونتيجة لذلك، اضطرت السفن الروسية للتراجع شرقاً إلى نوفوروسيسك؛ ما سمح لأوكرانيا باستئناف تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وكانت روسيا تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية في البحر الأسود، بما في ذلك فرض حصار على الموانئ الأوكرانية، تنفيذ هجوم برمائي على أوديسا، وإطلاق صواريخ كروز دون عقاب.
لكن أوكرانيا نجحت في إحباط هذه الأهداف، مُظهرة تفوقاً تكتيكياً وتكنولوجياً؛ إذ إن استخدام السفن البحرية غير المأهولة المحملة بالمتفجرات، مثل "ماغورا V5"، ساهم في إغراق سفن رئيسة مثل "الأدميرال ماكاروف"؛ ما شكّل إحراجاً كبيراً لموسكو.
ووفق "ناشيونال سكيوريتي جورنال"، فقد أثبتت هذه المعركة أن الحرب البحرية شهدت تحولاً جذرياً؛ إذ يمكن لقوة صغيرة مزودة بتكنولوجيا متقدمة أن تهزم قوة أكبر كثيرا. كما اعتبر أن أن "المعركة حملت دروساً للبحريات العالمية؛ إذ أظهرت أوكرانيا قدرة الصواريخ المضادة للسفن والطائرات المسيرة على تغيير قواعد اللعبة.