وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
حطّ زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا رحالهم في العاصمة الأوكرانية كييف، السبت، في زيارة مفاجئة ومشتركة حملت رسائل سياسية مدوية إلى موسكو وواشنطن، وسط دعوات متزايدة لوقف إطلاق النار وبدء مفاوضات سلام.
وعبر مؤتمر صحفي وجه زعماء القارة الأوروبية، تحذيرًا شديد اللهجة إلى الرئيس فلاديمير بوتين.
وأكدوا أن رفض وقف إطلاق النار سيفضي إلى عقوبات هائلة تشمل القطاعات المصرفية والطاقة، إضافةً إلى تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا.
ويرى خبراء، أن زيارة قادة أوروبا إلى كييف في هذا التوقيت تعكس رغبة أوروبا في إثبات حضورها السياسي والعسكري في المشهد الأوكراني، خصوصًا بعد توقيع "صفقة المعادن" مع واشنطن، والتي تهدد بإقصاء أوروبا من المعادلة الاستراتيجية.
وأضاف الخبراء أن هذه الزيارة تمثل محاولة أوروبية لفرض أمر واقع قبل دخول الاتفاقية الأمريكية حيز التنفيذ.
وتسعى بروكسل إلى ضمان موقع تفاوضي متقدم، وتكثيف الوجود الأوروبي ميدانيًا تحسبًا لأي اشتباك مباشر مع روسيا، وسط تزايد القلق من تراجع النفوذ الأوروبي لصالح واشنطن.
وأكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن زيارة زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا الحالية إلى أوكرانيا، بهذا الزخم الكبير من قادة الدول الأوروبية الرئيسة، وفي ظل الظروف الراهنة، تحمل رسائل ودلالات سياسية متعددة، بعضها موجّه إلى الولايات المتحدة، والآخر إلى روسيا، خاصة بعد توقيع كييف الاتفاقية الاستراتيجية المعروفة بـ"صفقة المعادن" مع واشنطن.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن ما بقي أمام القادة الأوروبيين الآن هو التأكيد السياسي على دعم حليفتهم أوكرانيا، والحفاظ على المستوى الحالي من الدعم الاستراتيجي.
وأشار إلى مناقشة ملفات أخرى تحاول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحبها من تحت أقدام الأوروبيين، مثل تمويل الحرب، والمصير المستقبلي لموقع أوكرانيا بين الحياد أو الانضمام إلى المعسكر الغربي، وكذلك الدعم الاقتصادي والقدرات العسكرية التي يسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى رفعها إلى مستويات غير مسبوقة.
وأوضح أن "قادة الاتحاد الأوروبي يسابقون الزمن لعقد اتفاقيات مشتركة مع زيلينسكي قبل دخول صفقة المعادن حيز التنفيذ، لأنها في حال تطبيقها ستقصي بروكسل تمامًا من المعادلة، كما أن وجود أوروبا في الأراضي الأوكرانية مسألة ملحة لبروكسل، من أجل التمركز في مواقع استراتيجية ضمن خطة دفاعية مسبقة، في حال اندلاع اشتباك مباشر مع روسيا" وفق تأكيده.
ولفت إلى أن ما طُرح خلال الاجتماع لا يتعدى كونه رسائل سياسية ودبلوماسية يصعب تنفيذها على أرض الواقع، خصوصًا فيما يتعلق بتعويض كييف من الأصول الروسية المجمدة في البنوك الأوروبية، لأن ذلك سيشكل سابقة خطيرة تفقد بروكسل شرعيتها الاقتصادية والمالية أمام العالم.
وقال إن أوروبا تحاول حاليًا الحد من تأثير الخلافات الجانبية بين أعضائها بشأن أوكرانيا، والتي تظهر من حين لآخر، خاصة بين صربيا، والمجر، ودول البلطيق، وكييف نفسها، حيث ترى بعض هذه الدول أن بإمكان زيلينسكي تفادي الحرب الشاملة من خلال قدر من التنازل والمرونة.
وحول مناقشة اتفاق السلام أو الهدنة لمدة 30 يومًا الذي طرحه ترامب وأيده زيلينسكي مؤخرًا ويحظى بدعم قادة بروكسل، أكد أن هذا الطرح لا يغيّر شيئًا في المعادلة، وهو ما سبق أن عبّرت عنه موسكو برفضها التام لأسباب عسكرية بحتة.
وتابع: "أعادت موسكو تأكيد موقفها السابق بأنها بحاجة إلى إجابات مفصلة حول بعض القضايا".
وذكر أن الوجود الأوروبي المكثف في أوكرانيا يثير تساؤلات عديدة، والدعم السخي من ميزانيات الدول الأوروبية يطرح علامات استفهام حول جدواه الاستراتيجية، خاصة أن هذا التوجه يتعارض مع المزاج الشعبي الأوروبي الرافض لأي انخراط عسكري.
وأضاف أن برلين ولندن تعدان من أبرز الدول التي تؤكد دعمها لكييف، مع التلويح بين الحين والآخر بفرض عقوبات قاسية على موسكو.
"لكن السؤال الأكثر إلحاحًا هو، إلى أي مدى يمكن فرض عقوبات سياسية، واقتصادية، وحتى عسكرية على روسيا؟ وما هي نهايتها؟ وما مدى تأثيرها على الرئيس فلاديمير بوتين أو قياداته السياسية أو مجريات الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات؟"، وفق المتحدث ذاته.
وتابع أن "الإجابة تكمن في ما شاهدناه يوم 9 مايو الجاري، من استقبال لافت لبعض قادة العالم، ما يعكس أن أوروبا الآن تسعى للحصول على نصيبها من أوكرانيا قبل فوات الأوان، وهي تدرك أن السنوات القادمة لن تمنحها شيئًا، وأن كل ما قدّمته من دعم سيضيع سُدى، بعد أن استحوذت أمريكا حتى على الانتصار الوهمي الذي كانت أوروبا تأمل تحقيقه في نهاية الصراع" وفق تعبيره.
وأوضح أنه "لم يبق أمام أوروبا سوى تأكيد تحالفها، في محاولة لإيصال رسالة إلى واشنطن وموسكو مفادها: "أنتم تتفاوضون، ولكن نحن من نحرك الأمور على الأرض، ويمكننا تغيير المسار متى شئنا"، وهذا يكشف عن ضعف زيلينسكي في إدارة الصراع، وحتى في مجال التفاوض".
وقال إن أوروبا اتّبعت هذا المسار حتى تضمن لنفسها موقعًا في المفاوضات المباشرة مع روسيا، لتدعم لاحقًا اتفاق سلام دائم، لكنها لن تُقدِم على أي اتفاق نهائي قبل ضمان تلك المشاركة.
من جانبه، قال إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، إن الهدف الرئيس من الزيارة كان مواصلة مناقشة فكرة إرسال قوات عسكرية من دول أوروبية، وتركيا، وأطراف أخرى مهتمة، إلى أوكرانيا، للفصل بين الجيشين الأوكراني والروسي.
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز" أن زيارة قادة الدول الأوروبية إلى أوكرانيا تُعد إشارة واضحة لروسيا بأن أوكرانيا لن تُترك وحدها في مواجهتها، وأنها إشارة أيضًا إلى ترامب بأن أوروبا مستعدة لتحل محل الولايات المتحدة كحليف رئيس لأوكرانيا.