استهدفت السلطات الإسرائيلية، ومجموعة قرصنة إلكترونية موالية تُدعى "بريداتوري سبارو"، مؤسسات مالية يستخدمها الإيرانيون لنقل الأموال والالتفاف على الحصار الاقتصادي الذي تقوده الولايات المتحدة، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.
وجاءت هجمات القرصنة هذه، بالتزامن مع الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل على مواقع نووية إيرانية وانضمت إليها الولايات المتحدة، والتي استمرت 12 يومًا، مستهدفة البنية التحتية المالية التي تُبقي طهران على اتصال بالعالم، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وأعلنت جماعة "بريداتوري سبارو"، التي تعمل بشكل مجهول وتنشر تحديثات عن أنشطتها على منصة "إكس"، الأسبوع الماضي أنها عطلت بنك "سيباه" الإيراني الحكومي، الذي يخدم القوات المسلحة الإيرانية ويساعدها على دفع مستحقات الموردين في الخارج؛ ما أدى إلى تعطيل خدماته المصرفية عبر الإنترنت وأجهزة الصراف الآلي.
كما اخترقت الجماعة منصة "نوبيتكس"، وهي أكبر بورصة عملات رقمية في إيران، والتي تحظى بشعبية لدى السكان المحليين لتحويل الأموال إلى الخارج. واستولى المتسللون على نحو 100 مليون دولار من الأموال، وأجبروا المنصة على الإغلاق، وفقًا للبورصة.
أوقفت الحكومة الإيرانية معظم الأنشطة الإلكترونية في البلاد لمنع المزيد من الهجمات وكبح جماح المعارضة، وتم حجب المواقع الإلكترونية غير الإيرانية، بينما حُذر المواطنون من استخدام الهواتف أو منصات المراسلة الأجنبية التي زعمت أنها قد تجمع بيانات الصوت والموقع الجغرافي لصالح جواسيس إسرائيليين، كما مُنع المسؤولون الحكوميون من استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة والساعات الذكية.
وأكدت شركة بريداتوري سبارو أن عمليتي الاختراق استهدفتا "شريان الحياة المالية" للحرس الثوري، أقوى فصيل في الجيش الإيراني، والذي يُسيطر أيضًا على قطاعات واسعة من الاقتصاد.
ولا تزال الشركتان المستهدفتان تعانيان من صعوبات مالية، إذ أكدت شركة نوبيتكس أنها تواجه تحديات كبيرة في استعادة خدماتها، وتسعى إلى استئناف التداول الأسبوع المقبل، فيما يقول بعض مستخدمي بنك سبه عبر الإنترنت إنهم ما زالوا لا يتلقون ودائع.
ضربت الهجمات السيبرانية اقتصادًا مُنهكًا بسبب العقوبات الأمريكية التي تمنع شراء النفط الإيراني أو التعامل مع بنوكها. يعتمد اقتصاد إيران على عدد قليل من الشركاء التجاريين، ولا سيما الصين، ويتجاوز معدل التضخم السنوي 40%، وفقًا للبنك الدولي، كما أدى هروب العمال المهرة المستمر إلى خنق النمو الاقتصادي للبلاد.
وبينما أكدت إسرائيل وقف إطلاق النار مع إيران يوم الثلاثاء، إلا أن خبراء الأمن السيبراني ومسؤولين إسرائيليين يتوقعون استمرار الحرب السيبرانية.
وقال مسؤولون في المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب، إنهم لا يملكون معلومات عن وجود صلات بين "بريداتوري سبارو" والسلطات الإسرائيلية. وأضافوا أن إسرائيل تستهدف على نطاق واسع البنية التحتية الاقتصادية التي سمحت لإيران بتمويل جيشها ووكلائها، حيث فرضت عقوبات في وقت سابق من هذا الشهر على بنكها المركزي وبنوك أخرى يستخدمها الحرس الثوري الإيراني.
ويعتزم المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب، الذي تشرف عليه وزارة الدفاع، إصدار أوامر إلى منصات تداول خارج إيران لمساعدتها على الاستيلاء على المزيد من أصول شركة "نوبيتكس" المشفرة. وقال المسؤولون إنه حدد 150 مليون دولار إضافية من الأموال التي تحتفظ بها "نوبيتكس".
ردّت الجماعات الإلكترونية الموالية لإيران، مستهدفة مواقع الحكومة الإسرائيلية بهجمات حجب الخدمة، حيث يهدف المتسللون إلى إغراق أجهزة الكمبيوتر التي تُوجّه حركة الإنترنت بسيل من الطلبات، وإرسال رسائل تصيد احتيالي إلى الإسرائيليين في محاولة لاختراق هواتفهم. وأفادت المديرية الوطنية للأمن الإلكتروني في إسرائيل بأن الهجمات الإلكترونية الإيرانية لم تُسبب أي أضرار في الأسابيع الأخيرة.
انتشر الذعر بين الشعب الإيراني مع تصاعد الهجمات، وقال محمد قربانيان، وهو صراف مقيم في طهران فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات قبل بضع سنوات بتهمة مساعدة المتسللين الإيرانيين، وهو اتهام ينفيه: "من الأفضل قطع الإنترنت. تستطيع إسرائيل رؤية كل شيء".
أدى اختراق بنك سبه يوم الثلاثاء الماضي، إلى توقف المدفوعات، بما في ذلك رواتب المتقاعدين العسكريين، وفقًا لوكالة أنباء فارس، الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري، كما توقف العديد من ماكينات الصرف الآلي التابعة له عن العمل.
انقطعت خدمة منصة نوبيتكس عن العمل في اليوم التالي، وعالجت منصة تداول العملات المشفرة، التي تتخذ من طهران مقرًّا لها، معاملات تجاوزت قيمتها 22 مليار دولار للمستخدمين منذ إطلاقها عام 2017.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة نوبيتكس، أمير راد، في مقطع فيديو نُشر على قناتها على تيليجرام: "كان لهذا الهجوم دوافع سياسية لإحداث ضائقة نفسية وإلحاق الضرر بممتلكات الشعب الإيراني".
كما هي الحال في روسيا ودول أخرى معزولة عن التمويل الدولي، برزت العملات المشفرة، وخاصة العملات المستقرة المرتبطة بالدولار، مثل: تيثر، كحلٍ بديل حيوي في إيران، إذ وفرت وسيلةً يمكن للمستخدمين من خلالها تحويل الأموال بين البنوك المحلية والأجنبية.