logo
العالم

أوروبا ترفع السقف في مواجهة الإخوان.. حراك شعبي وقوانين تقترب من حظر الجماعة

نفوذ الإخوان المسلمن في أوروبا

تشهد عدة دول أوروبية حراكا شعبيا وسياسيا متصاعدا ضد جماعة الإخوان المسلمين وتنامي نفوذها في عدد من عواصم القارة العجوز، لا سيما باريس ولندن.

وفي تحرك غير مسبوق، انطلقت سلسلة من الوقفات الاحتجاجية في عدد من المدن الأوروبية، بدءًا من فيينا وبراغ، مرورا بلندن، باريس، وبرلين، وسويسرا، وبروكسل، وانتهاء بهولندا وأيرلندا، للمطالبة بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية".

أخبار ذات علاقة

رجال شرطة فرنسيون

شبكات سرية في قلب باريس.. فرنسا تواجه حرب تجسس مزدوجة من الإخوان وطهران

تأتي هذه التحركات ضمن حملة إعلامية أوروبية تم الإعلان عنها وتمتد من 11 إلى 24 نوفمبر 2025، وتُعدّ تحولا نوعيا في طريقة التعامل مع الفكر المتطرف في أوروبا؛ إذ لا تقتصر أهدافها على الجوانب الأمنية أو القانونية، بل تشمل أيضا الأبعاد الإعلامية والثقافية والتوعوية، مركزة على توجيه كلٍّ من المجتمعات المسلمة والرأي العام الأوروبي نحو فهم أعمق لمخاطر الخطاب الديني المتطرف.

الإعلام في صدارة المواجهة

تركز الحملة الإعلامية المرافقة للوقفات الاحتجاجية على كشف استغلال الدين كأداة لتوسيع النفوذ السياسي والاجتماعي، وتسليط الضوء على أساليب تجنيد الشباب في صراعات سياسية بعيدة عن القيم المعتدلة للإسلام.

وتؤكد البيانات الرسمية للحملة أن الجماعات المتطرفة لا تمثل المسلمين المعتدلين، وأن اتساع نفوذ الفكر المتشدد يضر بصورة المسلمين في أوروبا ويُهدد التعايش بين الأديان والثقافات.

وفي هذا السياق، قال الخبير الفرنسي البارز في شؤون الحركات الدينية والسياسية جون إيف كامو في تصريحات لـ"إرم نيوز": إن هذه الحملة ذات طابع إعلامي بالأساس، فالاستخبارات الأوروبية تتابع أصلًا كل مسارات الانزلاق نحو العنف، سواء لدى السلفيين أو جماعة التبليغ أو الإخوان". 

أخبار ذات علاقة

علم فرنسا وشعار الإخوان

وثيقة دولية وضوابط صارمة.. أوروبا تتحرك لتجفيف منابع تمويل "الإخوان المسلمين"

وأضاف "لكن الخطاب الإعلامي، الذي كان يركّز سابقا على السلفيين، بات اليوم أكثر انشغالا بالإخوان؛ لأنهم يملكون الرؤية السياسية الأوضح في العمل العام واللوبيات خارج العالم الإسلامي".

وأوضح الخبير الفرنسي أن هذا التوجّه ناتج جزئيا عن قانون مكافحة الانفصالية في فرنسا، الذي لا يحارب العنف فحسب، بل أيضا ما يُعدّ شكلًا من أشكال الانعزال المجتمعي".

وعن أهمية هذه الحملة وتأثيرها أجاب كامو أن "تأثير هذه الحملة على الرأي العام، محدود؛ لأن الجمهور لم يكن أصلا يميز كثيرا بين مختلف أشكال التديّن الإسلامي".

تنسيق أوروبي 

تشدد الحملة على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني لضمان ألا تقتصر مكافحة التطرف على البعد الأمني، بل تشمل أيضا بناء بيئة ثقافية وإعلامية واعية.

كما تركز على دعم ضحايا العنف الناتج عن أنشطة الجماعات المتطرفة باعتباره جزءا من استراتيجية ثقافية تهدف إلى خلق مجتمع أكثر قدرة على مقاومة التطرف وضمان حقوق الإنسان والتعايش السلمي.

ومن منظور استراتيجي، تُعدّ الوقفات الاحتجاجية والحملة الإعلامية المرافقة لها أدوات ضغط فعّالة على صانعي القرار الأوروبيين لتبني سياسات أكثر صرامة تجاه الجماعات المتطرفة، بما في ذلك تصنيفها كمنظمات إرهابية، وتجميد أصولها، وملاحقة قياداتها قضائيا.

تحركات تدق ناقوس الخطر

وتأتي الحملة الأوروبية في ظل مراجعات سياسية ومشاريع قوانين بدأ طرحها في عدد من الدول الأوروبية لحظر جماعة الإخوان المسلمين، وسط تقارير كشفت عن حجم نفوذ الجماعة وتمكنها من التسلل إلى المؤسسات الحكومية ودائرة صناعة القرار.

وفي أكتوبر الماضي، قدمت كل من فرنسا والنمسا وهولندا وثيقة مشتركة إلى مجلس الشؤون العامة في الاتحاد الأوروبي، تدعو فيها إلى تشديد الرقابة على التمويلات الأوروبية الممنوحة للمنظمات غير الحكومية، ولا سيما الجمعيات المنتمية للإسلام السياسي، التي يُشتبه بارتباط بعضها بـ"جماعة الإخوان المسلمين" في أوروبا.

وتحمل الوثيقة عنوان: "ضمان احترام القيم الأوروبية من قبل الكيانات المستفيدة من التمويلات الأوروبية"، بحسب ما ذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية.

وتهدف الوثيقة إلى وضع ضوابط صارمة لضمان توافق الجمعيات الممولة مع قيم الاتحاد الأوروبي المنصوص عليها في المادة الثانية من معاهدة الاتحاد، وهي: "الكرامة الإنسانية، الحرية، الديمقراطية، والمساواة أمام القانون".

أخبار ذات علاقة

وزيرة التعليم والاندماج السويدية سيمونا موهامسون

السويد تُحقق في اختراق الإخوان المسلمين لمؤسساتها العامة

وفي السويد، قالت وزيرة التعليم والاندماج ، سيمونا موهامسون، إن جماعة الإخوان المسلمين "تمنع المسلمين العاديين من أن يعيشوا حياتهم مثل الآخرين"، مؤكدة أن الحكومة ستعمل على رصد حالات اختراق الجماعة داخل المجتمع السويدي.

وأعلنت الوزيرة أن الحكومة ستشكّل لجنة لدراسة مظاهر اختراق الإخوان في السويد، مشيرة إلى أن الإسلام السياسي بدأ يترسخ في بعض المناطق والمدارس ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، بل ويهدد بالتأثير في الأحزاب السياسية.

وفي بروكسل، كان مصدر دبلوماسي كشف عن الخطوط العريضة لمشروع قانون يعمل عليه وزير الداخلية البلجيكي، يستهدف، في جانب كبير منه، جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت تمثل "خطراً" على الأمن والسلم المجتمعيين في بلجيكا، بحسب تقارير عدة.

وبيّن المصدر في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أن "أبرز تلك المواد تستهدف غلق دوائر غسل الأموال لعناصر إخوانية تترأس جمعيات ومؤسسات وشركات، مع وضع نظم مراجعة دقيقة لأموال التبرعات المقدمة للجمعيات، في ظل اعتماد التنظيم على مؤسسات المجتمع المدني كحجر زاوية لأنشطته".

فرنسا في عين العاصفة

يرى الباحث الفرنسي جيل كيبيل أن خطر الإسلاموية في فرنسا لم يتراجع بعد عقدٍ على هجمات 13 نوفمبر، بل تغيّر شكله من تنظيمات إرهابية إلى ما يسميه الجهادية الجوّية، أي تطرف فردي تغذّيه الشبكات الاجتماعية والاحتقان الهوياتي.

 وحذّر كيبيل  في تصريحات لـ"إرم نيوز" من أن الصراع في غزة زاد الانقسام داخل المجتمع الفرنسي وأعطى فرصة لـ«تجّار الغضب» والتيارات المتطرفة لتأجيج الكراهية، معتبرًا أن التحالف بين اليسار الراديكالي وبعض الحركات الإسلامية منح الإسلاموية شرعية ثقافية خطيرة.

 وخلص إلى أن المعركة الحقيقية اليوم ليست أمنية بل ثقافية وفكرية تهدف إلى الدفاع عن القيم الديمقراطية في مواجهة الأيديولوجيات المتشددة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC