logo
العالم

من مصدر للتنمية إلى قنبلة موقوتة.. ماذا وراء ثورات جيل Z؟

اجتجاجات جيل زد في كينياالمصدر: رويترز

كالدومينو، تنتقل ثورات جيل Z من أفريقيا إلى جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا حتى أمريكا، مؤكدة على تفاوتات هيكلية عميقة في النظام العالمي.

وهذا الجيل، المولود بين منتصف التسعينيات وأوائل الألفية الثانية، ويبلغ تعداده نحو 1.8 مليار نسمة في آسيا وأفريقيا، تحوّل، وفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، من مصدر قوة للتنمية، إلى قنبلة موقوتة بسبب الظروف العالمية المتدهورة.

كما ترى المجلة أن هذه الثورة ليست مجرّد غضب شبابي عفوي، بل هي تراكم من الإحباطات الناتجة عن فشل النموذج الاقتصادي العالمي في توفير فرص متكافئة، وسط ديون متراكمة، وتغير مناخي، وتراجع العولمة.

وبدأت الاحتجاجات تتسلسل كالدومينو، ففي بنغلاديش، أطاحت مظاهرات الشباب بحكومة الشيخة حسينة، مدفوعة بديون خارجية تجاوزت 103 مليارات دولار، تستهلك 21% من إيرادات الحكومة، مما قلص الإنفاق على التعليم والصحة. 

أما في نيبال، فانفجر الغضب بسبب حظر وسائل التواصل الاجتماعي، ليتصاعد إلى قمع أسفر عن 72 قتيلاً، مع بطالة شبابية بنسبة 20% واعتماد على تحويلات المغتربين بنسبة 27% من الناتج المحلي الإجمالي. 

أخبار ذات علاقة

تنصيب العقيد ميخائيل راندريانيرينا رئيسًا جديدًا للبلاد

مدغشقر.. "جيل زد" بين آمال التغيير ومخاوف عودة الفساد

وفي إندونيسيا، أدى تدفق الصادرات الصينية إلى إغلاق مصانع وتسريح عمال، مما أشعل اضطرابات جماعية. كذلك، أجبرت الاحتجاجات في كينيا الحكومة على التراجع عن سياسات غير شعبية، بينما أطاحت مظاهرات مشابهة بحكومات في مدغشقر.

الأسباب والسر

ترى مجلة "ناشيونال إنترست" أن هذه الثورات ليست عشوائية، بل جاءت رد فعل على رقابة الإنترنت، والفساد الحكومي، ونقص فرص العمل، في ظل حكومات تكافح لإدارة طفرة شبابية هائلة.

كما يكمن السر الحقيقي وراء هذه الثورات في انهيار النموذج التنموي الذي نجح في الماضي، فخلال ذروة العولمة من منتصف الثمانينيات إلى 2008، ساعد نظام تجاري مفتوح وتدفقات رأس المال على خفض الفقر وصعود طبقة متوسطة، كما في الصين التي قفز ناتجها المحلي من 190 مليار دولار في 1980 إلى 18.8 تريليون في 2024، مدعوماً بعمالة شبابية وفيرة. 

أخبار ذات علاقة

جانب من الاحتجاجات في مدغشقر

بعد مدغشقر.. توقعات بامتداد "كرة ثلج الجيل زد" نحو دول أفريقية أخرى

لكن اليوم، يواجه الجنوب العالمي عالماً متشرذماً، من رد فعل على العولمة، وحمائية، وفائض إنتاج صيني يبلغ تريليون دولار، يزاحم صناعات الدول النامية. ديون الدول النامية بلغت 11.4 تريليون دولار في 2023، مع خدمة دين تستهلك أكثر من 10% من إيرادات 56 دولة، و20% في 17 أخرى. 

وفي أفريقيا، تصل الديون الخارجية إلى 746 مليار دولار (61% من الناتج المحلي)، وتتجاوز خدمة الدين الإنفاق على الصحة في 30 دولة.

كما تواجه القارة السمراء تحدياً أكبر، فمع وجود 890 مليون شاب، وإضافة 620 مليونا إلى قوة العمل بحلول 2050، إلا أن هناك 35 صراعاً داخلياً، مع نقص طاقة لـ600 مليون شخص، وتأثيرات مناخية مدمرة تعيق الاستفادة من هذه الطفرة. 

وبينما تشكل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية خطوة إيجابية، فإن المساعدات تتقلص، والاستثمار المطلوب يصل إلى 170 مليار دولار سنوياً للبنية التحتية، وتريليون بحلول 2030 للمناخ.

في المقابل، تتركز تدفقات رأس المال في الولايات المتحدة والأسواق الناشئة متوسطة الدخل، تاركة الدول الأقل نمواً "خاسرة" في نظام يتسع فيه الانقسام بين الشمال والجنوب.

أخبار ذات علاقة

جانب من احتجاجات "جيل زد" في مدغشقر

"الصمت المريب".. ظل فرنسا يُخيّم على أزمة "جيل زد" في مدغشقر

كذلك، فإن العوامل الخارجية تفاقم المشكلة، مع تخلي الولايات المتحدة عن التعددية، ورفض تمويل المناخ وأجندة التنمية المستدامة، ودعوات لإصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إذ تمتلك مجموعة السبع 59.1% من أصوات الصندوق رغم احتوائها على 13.7% فقط من سكان العالم. 

ويعيق هذا التراجع جهود الدول الشابة في مواجهة تحديات جيل Z، مما يهدد بتحويل الطفرة الديموغرافية إلى عدم استقرار، لن يقتصر على دول معينة، بل ربما يكون ظاهرة عالمية، إذ ترى "ناشيونال إنترست" أن التفاوتات الهيكلية في النظام العالمي هي الوقود الحقيقي لهذه الثورة، وإصلاحها يتطلب إعادة توازن عاجلة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC